السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{ذِكۡرُ رَحۡمَتِ رَبِّكَ عَبۡدَهُۥ زَكَرِيَّآ} (2)

وقوله تعالى : { ذكر } مبتدأ محذوف الخبر تقديره : مما يتلى عليكم أو خبر محذوف المبتدأ تقديره : المتلو ذكر أو هذا ذكر { رحمت ربك } وقوله تعالى : { عبده } مفعول رحمة لأنها مصدر بني على التاء لأنها دالة على الوحدة ورسمت بتاء مجرورة ، ووقف عليها بالهاء ابن كثير وأبو عمرو والكسائي ووقف بالتاء على الرسم الباقون وقوله تعالى : { زكريا } بيان له .

تنبيه : اعلم أنه تعالى ذكر في هذه السورة قصص جملة من الأنبياء .

الأولى : هذه القصة وهي قصة زكريا فيحتمل أن المراد من قوله تعالى : { رحمة ربك } أنه عني عبده زكريا في كونه رحمة وجهان : أحدهما : أنه يكون رحمة على أمته لأنه هداهم إلى الإيمان والطاعة ، والثاني : أن يكون رحمة على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لأن اللّه تعالى لما شرع له صلى الله عليه وسلم طريقته في الإخلاص والابتهال في جميع الأمور إلى اللّه تعالى صار ذلك لطفاً داعياً له ولأمته إلى تلك الطريقة ، فكان زكريا رحمة ويحتمل أن يكون المراد أن هذه السورة فيها ذكر الرحمة التي يرحم بها عبده زكريا .