معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُم بِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ كَٰفِرُونَ} (7)

قوله تعالى : { وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة } قال ابن عباس : الذين لا يقولون لا إله إلا الله وهي زكاة الأنفس ، والمعنى : لا يطهرون أنفسهم من الشرك بالتوحيد . وقال الحسن وقتادة : لا يقرون بالزكاة ، ولا يرون إيتاءها واجباً ، وكان يقال : الزكاة قنطرة الإسلام فمن قطعها نجا ومن تخلف عنها هلك . وقال الضحاك ومقاتل : لا ينفقون في الطاعة ولا يتصدقون . وقال مجاهد : لا يزكون أعمالهم . { وهم بالآخرة هم كافرون* }

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُم بِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ كَٰفِرُونَ} (7)

ويعلم من هذا أن مانع الزكاة من المسلمين له حظ من الويل الذي استحقه المشركون لمنعهم الزكاة في ضمن شركهم ، ولذلك رأى أبو بكر قتال مانعي الزكاة ممن لم يرتدوا عن الإسلام ومنَعوا الزكاة مع المرتدين ، ووافقه جميع أصحاب رسول صلى الله عليه وسلم ف { الزكاة } في الآية هي الصدقة لوقوعها مفعول { يؤتون } ، ولم تكن يومئذٍ زكاة مفروضة في الإسلام غير الصدقة دون تعيين نُصُببٍ ولا أصناففِ الأرزاق المزكّاةِ ، وكانت الصدقة مفروضة على الجملة ، ولبعض الصدقة ميقات وهي الصدقة قبل مناجاة الرسول صلى الله عليه وسلم قال تعالى : { يأيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة } [ المجادلة : 12 ] .

وجملة { وهُمْ بالآخِرَةِ هُمْ كافرون } إما حال من ضمير { يؤتون } وإما معطوفة على الصلة . وضمير { هُمْ كافرون } ضمير فصل لا يفيد هنا إلا توكيد الحكم ويشبه أن يكون هنا توكيداً لفظياً لا ضميرَ فصل ومثله قوله : { وهم بالآخرة هم كافرون } في سورة يوسف ( 37 ) ، وقوله : { إنني أنا اللَّه } في سورة طه ( 14 ) .

وتقديم { بِالآخِرَة } على متعلقه وهو { كافرون } لإِفادة الاهتمام .