البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُم بِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ كَٰفِرُونَ} (7)

والظاهر أن الزكاة على ظاهرها من زكاة الأموال ، قاله ابن السائب ، قال : كانوا يحجون ويعتمرون ولا يزكون .

وقال الحسن وقتادة : وقيل : كانت قريش تطعم الحاج وتحرم من آمن منهم .

وقال الحسن وقتادة أيضاً : المعنى لا يؤمنون بالزكاة ، ولا يقرون بها .

وقال مجاهد والربيع : لا يزكون أعمالهم .

وقال ابن عباس والجمهور : الزكاة هنا لا إله إلا الله التوحيد ، كما قال موسى عليه السلام لفرعون : { هل لك إلى أن تزكى } ويرجح هذا التأويل أن الآية من أول المكي ، وزكاة المال إنما نزلت بالمدينة ، قاله ابن عطية ، قال : وإنما هذه زكاة القلب والبدن ، أي تطهير من الشرك والمعاصي ، وقاله مجاهد والربيع .

وقال الضحاك ومقاتل : الزكاة هنا النفقة في الطاعة . انتهى .

وإذا كانت الزكاة المراد بها إخراج المال ، فإنما قرن بالكفر ، لكونها شاقة بإخراج المال الذي هو محبوب الطباع وشقيق الأرواح حثاً عليها .

قال بعض الأدباء :

وقالوا شقيق الروح مالك فاحتفظ *** به فأجبت المال خير من الروح

أرى حفظه يفضي بتحسين حالتي *** وتضييعه يفضي لتسآل مقبوح