الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُم بِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ كَٰفِرُونَ} (7)

فإن قلت : لم خصّ من بين أوصاف المشركين منع الزكاة مقروناً بالكفر بالآخرة ، قلت : لأن أحبّ شيء إلى الإنسان ماله وهو شقيق روحه ، فإذا بذله في سبيل الله فذلك أقوى دليل على ثباته واستقامته وصدق نيته ونصوع طويته . ألا ترى إلى قوله عزّ وجلّ : { وَمَثَلُ الذين يُنفِقُونَ أموالهم ابتغاء مَرْضَاتِ الله وَتَثْبِيتًا مّنْ أَنفُسِهِمْ } [ البقرة : 265 ] أي : يثبتون أنفسهم ويدلون على ثباتها بإنفاق الأموال ، وما خدع المؤلفة قلوبهم إلا بلمظة من الدنيا فقرّت عصبيتهم ولانت شكيمتهم وأهل الردّة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تظاهروا إلاّ بمنع الزكاة ، فنصبت لهم الحرب ، وجوهدوا . وفيه بعث للمؤمنين على أداء الزكاة ، وتخويف شديد من منعها ، حيث جعل المنع من أوصاف المشركين ، وقرن بالكفر بالآخرة . وقيل : كانت قريش يطعمون الحاج ، ويحرمون من آمن منهم برسول الله صلى الله عليه وسلم . وقيل : لا يفعلون ما يكونون به أزكياء ، وهو الإيمان .