فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُم بِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ كَٰفِرُونَ} (7)

ثم هدد المشركين وتوعدهم فقال :

{ الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ } أي يمنعونها ولا يخرجونها إلى الفقراء ؛ وقال الحسن وقتادة : لا يقرون بوجوبها ، وقال الضحاك ومقاتل : لا يتصدقون ولا ينفقون في الطاعة وقيل معنى الآية لا يشهدون أن لا إله إلا الله لأنها زكاة الأنفس وتطهيرها ، قاله ابن عباس . وقال مجاهد : لا يزكون أعمالهم ، وكان يقال : الزكاة قنطرة الإسلام فمن قطعها نجا ، ومن تخلف عنها هلك .

وقال الفراء : كان المشركون ينفقون النفقات ويسقون الحجيج ويطعمونهم فحرموا ذلك على من آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم ؛ فنزلت فيهم هذه الآية وإنما جعل منع الزكاة مقرونا بالكفر بالآخرة لأن أحب الشيء إلى الإنسان ماله ، وهو شقيق روحه ، فإذا بذله في سبيل الله فذلك أقوى دليل على استقامته ، وثباته وصدق نيته ، ونصوح طويته ، وما خدع المؤلفة قلوبهم إلا بلمظة من الدنيا ففرت عصبيتهم ، ولانت شكيمتهم ، وما ارتدت بنو حنيفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إلا بمنع الزكاة{[1462]} ، وتخويف شديد من منعها ، حيث جعل المنع من أوصاف المشركين وقرن الكفر بالآخرة .

{ وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ } معطوف على : لا يؤتون الزكاة ، داخل معه في حيز الصلة ؛ أي منكرون للآخرة جاحدون لها ، والمجيء بضمير الفصل لقصد الحصر .


[1462]:سقط من الأصل: فتعصبت لهم الحروب وجوهدوا، وفيه بعث للمؤمنين على أداء الزكاة.