تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُم بِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ كَٰفِرُونَ} (7)

الآية 7 وقوله تعالى : { وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ } { الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ } والإشكال أنه لماذا خص المشرك الذي لم يؤت الزكاة ، وينكر الآخرة بالويل ، وقد يلحق الويل بالمشرك آتى الزكاة ، أو لم يؤت ، آمن بالآخرة ، أو كفر بها .

فنقول : قال بعض أهل التأويل : معناه { وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ } الذين لا يؤمنون بإيتاء الزكاة ، ولا يؤمنون بالآخرة ، وخصّهم بذكر جحود الزكاة لما كان سبب كفرهم مختلفا :

منهم [ من ]{[18404]} كان سبب كفره بخله في المال وشُحّه ، حمله ذلك على إنكار الزكاة والامتناع عن الإتيان .

ومنهم من كان كفره إنكار جزاء الأعمال ، حمله ذلك على إنكار الآخرة .

ومنهم من كان سبب كفره الخضوع لمن دونه أو مثله في أمر الدنيا ، حمله ذلك على إنكار الرسالة والجحود لها .

وغير ذلك من الأسباب التي حملتهم على الكفر والضلالة ، وهي مختلفة .

ويحتمل قوله : { وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ } { الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ } على زكاة الأموال ولكن على زكاة الأنفس ، كأنه يقول : وويل للمشركين الذين لا يعملون ، ولا يسعون في ما به تزكو أنفسهم ، ويشرُف ذكرها ، وتصلح أعمالهم به ، ولا يُجزَون{[18405]} به في الآخرة ، أي ويل لمن لا يعمل ذلك ، والله أعلم .

وهذان الوجهان جواب عمن تعلّق بظاهر هذه الآية .

على أن الكفار يخاطبون بالشرائع حين{[18406]} أُلحق الوعيد بهم بترك إيتاء الزكاة ، والزكاة من الشرائع ، والله أعلم .


[18404]:ساقطة من الأصل وم.
[18405]:أدرج قبلها في م: ما.
[18406]:في الأصل وم: حيث.