قوله تعالى : { قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ } قرأ ابنُ وثابٍ والأعمش : «قَالَ » فعلاً ماضياً خبراً عن الرسول{[48529]} . والرسم يحتملهُما . وقد تقدم مثل هذا في الأنبياء{[48530]} وآخر المؤمنين{[48531]} . وقرأ الأعمشُ والنَّخعيُّ يوحي بكسر{[48532]} الحاء ؟ ؛ أي الله تعالى ، والمعنى إنَّما أنا بشر مثلكم أي كواحد منكم لولا الوحيُ ما دعوتكم { أَنَّمَآ إلهكم إله وَاحِدٌ } قال الحسن - رضي الله عنه - عَلَّمَهُ الله التواضع .
قوله : { فاستقيموا إِلَيْهِ } عُدِّي بإلى ؛ لتضمنه معنى توجَّهُوا والمعنى وجِّهُوا استقامتكم إليه بالطاعة ولا تَمِيلوا عن سبيله «واستغفروه » من ذنوبكم{[48533]} .
قوله : { وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ الذين لاَ يُؤْتُونَ الزكاة } قال ابن عباس رضي الله عنهما : الذي لا يقولون لا إله إلا الله ، وهي زكاة الأنفس . والمعنى لا يُطَهِّرون أنفسهم من الشِّرك بالتوحيد ، وهو مأخوذ من قوله : «وَنَفٍْس ومَا زَكَّاهَا » . وقال الحسن وقتادة : لا يقرِّون بالزكاة ولا يرون إيتاءَها واجباً . وكان يقال : الزكاة قَنْطَرَةُ الإسلام ، فمن قطعها نجا ، ومن تخلف عنها هلك . وقال الضحاك ومقاتل : لا يُنفِقُون في الطاعة ولا يتصدقون ، وقال مجاهد : لا يزكون أعمالهم { وَهُمْ بالآخرة هُمْ كَافِرُونَ }{[48534]} .
احتج من قال : إن الكفار مخاطبُون بفروع الإسلام بهذه الآية ، فقالوا : إنه تعالى توعدهم بأمرين :
والثاني : لا يؤتون الزكاة ، فوجب أن يكون لكل واحد من هذين تأثير عظيم في حق وصول الوعيد ، وذلك يدل على أن لعدم إيتاء الزكاة من المشرك تأثير عظيم في زيادة الوعيد وهو المطلوب{[48535]} .
احتج بعضهم على أن مانع الزكاة كافر بهذه الآية فقال : إن الله تعالى لما ذكر هذه الصفة ذكر قبلها ما يوجب الكفر وهو قوله : «وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ » وذكر بعدها ما يوجب الكفر وهو قوله : { وَهُمْ بالآخرة هُمْ كَافِرُونَ } فلو لم يكن منع الزكاة كفراً لكان ذكره فيما بين الصفتين{[48536]} الموجبتين للكفر قبيحاً ؛ لأن الكلام إنما يكون فصيحاً إذا كانت المناسبة مرعيةً بين أجزائه ، ثم أكدوا ذلك بأن أبا بكر الصديق رضي الله عنه حكم بكفر مانعي الزكاة{[48537]} . قال ابن الخطيب : والجواب أنه ثبت بالدليل أن الإيمان عبارة عن التصديق بالقلب ، والإقرار باللسان ، وهما حاصلان عند عدم إيتاء الزكاة ، فلم يلزم حُصُول الكفر بسبب عدم إيتاء الزكاة والله أعلم{[48538]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.