معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَسَوۡفَ تَعۡلَمُونَ مَن يَأۡتِيهِ عَذَابٞ يُخۡزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيۡهِ عَذَابٞ مُّقِيمٌ} (39)

قوله تعالى : { فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه } ، يهينه ، { ويحل عليه } ، يجب عليه ، { عذاب مقيم } ، دائم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَسَوۡفَ تَعۡلَمُونَ مَن يَأۡتِيهِ عَذَابٞ يُخۡزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيۡهِ عَذَابٞ مُّقِيمٌ} (39)

ثم جاء قوله : { فسوف تعلمون } تهديداً ، والسخر : الاستجهال مع استهزاء ، ومصدره : سُخرى بضم السين ، والمصدر من السخرة والتسخر سِخري بكسرها{[6333]} .

و «العذاب المخزي » هو الغرق ، و «المقيم » هو عذاب الآخرة ، وحكى الزهراوي أنه يقرأ «ويحُل » بضم الحاء ، ويقرأ «ويحِل » بكسرها ، بمعنى ويجب . و { من } في موضع نصب ب { تعلمون } . وجاز أن يكون { تعلمون } بمثابة تعرفون في التعدي إلى مفعول واحد ، وجائز أن تكون التعدية إلى مفعولين واقتصر على الواحد{[6334]} .


[6333]:- في "اللسان": سخر منه وبه سخرا، وسخرا، ومسخرا، وسخرا بالضم، وسخرة، وسخريا، وسُخريا، وسخريّة: هزئ به" وفيه: "والاسم السخرية، والسخري". تأمل هذا وكلام ابن عطية رحمه الله.
[6334]:-قال أبو حيان تعقيبا على ذلك: "ولا يجوز حذف الثاني اقتصارا لأن أصله خبر مبتدأ، ولا اختصارا هنا لأنه لا دليل على حذفه".
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَسَوۡفَ تَعۡلَمُونَ مَن يَأۡتِيهِ عَذَابٞ يُخۡزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيۡهِ عَذَابٞ مُّقِيمٌ} (39)

يجوز أن تجعل كاف التشبيه مفيدة معنى التعليل كالتي في قوله تعالى : { واذكروه كما هداكم } [ البقرة : 198 ] فيفيد التفاوت بين السخريتين ، لأن السخرية المعللة أحق من الأخرى ، فالكفار سخروا من نوح عليه السلام لعمل يجهلون غايته ، ونوح عليه السّلام وأتباعه سخروا من الكفار لعلمهم بأنهم جاهلون في غرور ، كما دل عليه قوله : { فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه } فهو تفريع على جملة { فإنّا نسخر منكم } أي سيظهر مَن هو الأحق بأن يسخر منه .

وفي إسناد ( العلم ) إلى ضمير المخاطبين دون الضمير المشارك بأن يقال : فسوف نعلم ، إيماء إلى أن المخاطبين هم الأحق بعلم ذلك . وهذا يفيد أدباً شريفاً بأن الواثق بأنه على الحق لا يزعزع ثقته مقابلة السفهاء أعماله النافعة بالسخرية ، وأن عليه وعلى أتباعه أن يسخروا من الساخرين .

والخزي : الإهانة ، وقد تقدم عند قوله تعالى : { ربنا إنك مَن تدخل النار فقد أخزيته } في آخر سورة [ آل عمران : 192 ] .

والعذاب المقيم : عذاب الآخرة ، أي من يأتيه عذاب الخزي في الحياة الدنيا ، والعذاب الخالد في الآخرة .

و { مَن } استفهامية معلّقة لفعل العِلم عن العمل ، وحلول العذاب : حصوله ؛ شبه الحصول بحلول القادم إلى المكان وهو إطلاق شائع حتى ساوى الحقيقة .