اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَسَوۡفَ تَعۡلَمُونَ مَن يَأۡتِيهِ عَذَابٞ يُخۡزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيۡهِ عَذَابٞ مُّقِيمٌ} (39)

قوله : { فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ } .

في " مَنْ " وجهان :

أحدهما : أن تكون موصولة .

والثاني : أن تكون استفهاميَّة ، وعلى كلا التقديرين ف " تَعْلَمُونَ " إمَّا من باب اليقينِ ، فتتعدَّى لاثنين ، وإمَّا من بابِ العرفان فتتعدَّى لواحد .

فإذا كانت هذه عرفانية و " مَنْ " استفهامية كانت " مَنْ " ، وما بعدها سادَّة مسدَّ مفعول واحد ، وإن كانت متعديةً لاثنين كانت سادَّة مسدَّ المفعولين وإذا كانت " تَعْلَمُونَ " متعديةً لاثنين ، و " مَنْ " موصولة كانت في موضع المفعول الأوَّلِ ، والثاني محذوفٌ قال ابن عطيَّة : " وجائزٌ أن تكون المتعدية إلى مفعولين ، واقتصر على الواحدِ " .

وهذه العبارةُ ليست جيِّدة ؛ لأنَّ الاقتصار في هذا الباب على أحد المفعولين لا يجوز ، لما تقرَّر من أنَّهما مبتدأ وخبر في الأصل ، وأمَّا حذف الاختصار ، فهو ممتنعٌ أيضاً ، إذ لا دليل على ذلك . وإن كانت متعدِّية لواحدٍ و " مَنْ " موصولةٌ فأمرها واضحٌ .

قوله : " وَيَحِلُّ عليْهِ " أي : يجبُ عليه ، وينزل به " عذابٌ مقيمٌ " دائم . وحكى الزهراويُّ - رضي الله عنه - : " ويَحُلُّ " بضمِّ الحاءِ ، بمعنى يجبُ أيضاً .