إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{فَسَوۡفَ تَعۡلَمُونَ مَن يَأۡتِيهِ عَذَابٞ يُخۡزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيۡهِ عَذَابٞ مُّقِيمٌ} (39)

{ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ } وهو عذابُ الغَرَقِ { وَيَحِلُّ عَلَيْهِ } حلولَ الدَّيْن المؤجل { عَذَابٌ مقِيمٌ } هو عذابُ النارِ الدائمُ وهو تهديدٌ بليغٌ ، و( مَنْ ) عبارةٌ عنهم ، وهي إما استفهاميةٌ في حيز الرفعِ أو موصولةٌ في محل النصبِ بتعلمون وما في حيِّزها سادٌّ مسدَّ مفعولين أو مفعولٍ واحدٍ إن جُعل العلمُ بمعنى المعرفةِ ، ولما كان مدارُ سخريتِهم استجهالَهم إياه عليه الصلاة والسلام في مكابدة المشاقِّ الفادحةِ لدفع ما لا يكاد يدخُل تحت الصِّحةِ على زعمهم من الطوفان ومقاساةِ الشدائِد في بناء السفينةِ وكانوا يعدّونه عذاباً قيل بعد استجهالِهم فسوف تعلمون مَنْ يأتيه العذابُ يعني أن أُباشرُه ليس فيه عذابٌ لاحقٌ بي فسوف تعلمون مَنِ المعذَّبُ ، ولقد أصاب العلمُ بعد استجهالِهم محزّه ، ووصفُ العذاب بالإخزاء لما في الاستهزاء والسخريةِ من لُحوق الخِزْي والعارِ عادة ، والتعرُّضُ لحلول العذاب المقيمِ للمبالغة في التهديد ، وتخصّصُه بالمؤجل وإيرادُ الأول بالإتيان في غاية الجزالة .