الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{فَسَوۡفَ تَعۡلَمُونَ مَن يَأۡتِيهِ عَذَابٞ يُخۡزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيۡهِ عَذَابٞ مُّقِيمٌ} (39)

قوله تعالى : { مَن يَأْتِيهِ } : في " مَنْ " وجهان ، أحدهما : أن تكونَ موصولةً . والثاني : أن تكونَ استفهاميةً ، وعلى كلا التقديرين ف " تعلمون " : إمَّا من باب اليقين فتتعدَّى لاثنين ، وإمَّا من باب العرفان فتتعدَّى لواحد . فإذا كانت هذه عرفانيةً و " مَنْ " استفهامية كانت " مَنْ " وما بعدها سادَّة مسدَّ مفعول واحد ، وإن كانَتْ متعديةً لاثنين كانت سادَّة مَسَدَّ المفعولين ، وإذا كانت " تعلمون " متعديةً لاثنين و " مَنْ " موصولة كانت في موضع المفعول الأول ، والثاني محذوف . قال ابن عطية : " وجائز أن تكونَ المتعديةَ إلى مفعولين ، واقتصر على الواحد " وهذه العبارةُ ليست جيدةٌ ؛ لأن الاقتصَارَ في هذا الباب على أحد المفعولين لا يجوز ؛ لِما تقرَّر غيرَ مرة من أنهما مبتدأٌ وخبر في الأصل ، وأمَّا حَذْفُ الاختصار فهو ممتنعٌ أيضاً ، إذ لا دليلَ على ذلك . وإن كانت متعديةً لواحد و " مَنْ " موصولةٌ فأمرُها واضح .

وحكى الزهراوي : " ويَحُلُّ " بضم الحاء بمعنى يجب .

و " التنور " معروفٌ . وقيل : هو وجهُ الأرض . وهل أل فيه للعهدِ أو للجنس ؟ ووزنَ تَنُّور قيل : تَفْعُول مِنْ لفظ النور فقُلبت الواوُ الأولى همزةً لانضمامِها ، ثم حُذِفت تخفيفاً ، ثم شددوا النون كالعوضِ عن المحذوف ، ويُعزَى هذا لثعلب . وقيل : وزنه فَعُّول ويُعْزى لأبي علي الفارسي . وقيل : هو أعجمي وعلى هذا فلا اشتقاقَ له . والمشهورُ أنه مما اتَّفق فيه لغة العرب والعجم كالصابون .