معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيۡرٞ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجۡعَلۡ بَيۡنَكُمۡ وَبَيۡنَهُمۡ رَدۡمًا} (95)

قوله تعالى : { قال } ، لهم ذو القرنين : { ما مكني فيه } ، قرأ ابن كثير ( مكنني ) بنونين ظاهرين ، وقرأ الآخرون بنون واحدة مشددة على الإدغام ، أي : ما قواني عليه ، { ربي خير } من جعلكم { فأعينوني بقوة } معناه : إني لا أريد المال ، بل أعينوني بأبدانكم وقوتكم ، { أجعل بينكم وبينهم ردما } أي : سداً ، قالوا وما تلك القوة ؟ قال : فعلة وصناع يحسنون البناء والعمل ، والآلة . قالوا : وما تلك الآلة ؟ قال : { آتوني } .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيۡرٞ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجۡعَلۡ بَيۡنَكُمۡ وَبَيۡنَهُمۡ رَدۡمًا} (95)

وقوله { قال ما مكني } الآية ، المعنى قال لهم ذو القرنين : ما بسطه الله لي من القدرة والملك ، خير من خرجكم وأموالكم ، ولكن أعينوني بقوة الأبدان ، ويعمل منكم بالأيدي ، وقرأ ابن كثير «ما مكنني » بنونين ، وقرأ الباقون «ما مكني » بإدغام النون الأولى في الثانية ، وهذا من تأييد الله تعالى لذي القرنين ، فإنه «تهدما » في هذه المحاورة إلى الأنفع الأنزه ، فإن القوم ، لو جمعوا له خرجاً لم يمنعه منهم أحد ، ولوكلوه إلى البنيان ، ومعونتهم بالقوة أجمل به ، وأمر يطاول مدة العمل ، وربما أربى على المخرج ، و «الردم » أبلغ من السد ، إذ السد كل ما سد به ، و «الردم » وضع الشيء على الشيء من حجارة أو تراب أو نحوه حتى يقوم من ذلك حجاب منيع ، ومنه ردم ثوبه : إذا رقعه برقاع متكاثفة ، بعضها فوق بعض ، ومنه قول الشاعر : [ الكامل ]

هل غادر الشعراء من متردم . . . {[7896]} أي من قول يركب بعضه على بعض .


[7896]:هذا صدر بيت هو مطلع المعلقة، والبيت بتمامه: هل غادر الشعراء من متـــــردم؟ أم هــل عرفت الدار بعد توهم؟ والمتردم: الوضع الذي يردم ويستصلح ويسترقع لما أصابه من الوهن، هذا هو الأصل، والمعنى المراد هنا: هل ترك الشعراء قولا يصلح ويرقع؟ أي: هل تركوا قولا لقائل بعدهم، أو فنا لم يسلكوه في الشعر؟ أما قوله: "أم هل عرفت الدار بعد توهم؟" فمعناه: لم أعرفها إلا توهما أنها هي الدار التي كنت أعهد لما أصابها من تغير. هذا والبيت في اللسان (ردم).