اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيۡرٞ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجۡعَلۡ بَيۡنَكُمۡ وَبَيۡنَهُمۡ رَدۡمًا} (95)

قوله : { مَا مَكَّنِّي } : " ما " بمعنى " الذي " وقرأ{[21327]} ابن كثيرٍ : " مكَّنني " بإظهار النون ، والباقون بإدغامها في نون الوقاية ؛ للتخفيف .

وهي مرسومةٌ في مصاحف غير مكَّة بنون واحدة ، وفي مصاحف مكَّة بنونين ، فكلٌّ وافق مصحفه .

ومعنى الكلام : ما قوَّاني عليه ربِّي خيرٌ من جعلكم ، أي : ما جعلني مكيناً من المال الكثير ، خيرٌ ممَّا تبذلُون لي من الخراج ؛ فلا حاجة بي إليه ، كقول سليمان -عليه السلام- : { فَمَآ آتَانِي الله خَيْرٌ مِّمَّآ آتَاكُمْ } [ النمل : 36 ] .

قوله : { فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ } أي : لا أريد المال ، ولكن أعينوني بأيديكم ، وقوَّتكم { أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً } .

والرَّدْم : هو السدُّ ، يقال : ردمت الباب ، أي : سددتُّه ، وردمتُ الثوب : رقعته ؛ لأنه يسدُّ موضع الخرق بالرَّقع ، والرَّدم أكثر من السدِّ ؛ من قولهم : ثوبٌ مردم ، أي : وضعت عليه رقاعٌ .

قالوا : وما تلك القوة{[21328]} ؟ . قال : فعلةٌ وصنَّاعٌ يحسنون البناء والعمل ، والآلة .

قالوا : وما تلك الآلة ؟ .


[21327]:ينظر: السبعة 400، والنشر 2/315، والحجة 434، والتيسير 146، وإعراب القراءات 2/419، والإتحاف 2/226، والحجة للقراء السبعة 2/176.
[21328]:ينظر: معالم التنزيل 3/182.