فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيۡرٞ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجۡعَلۡ بَيۡنَكُمۡ وَبَيۡنَهُمۡ رَدۡمًا} (95)

{ قَالَ مَا مَكَّني فِيهِ رَبّي } أي قال لهم ذو القرنين : ما بسطه الله لي من القدرة والملك { خَيْرٌ } من خرجكم ، ثم طلب منهم المعاونة له فقال : { فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ } أي : برجال منكم يعملون بأيديهم ، أو أعينوني بآلات البناء ، أو بمجموعهما . قال الزجاج : بعمل تعملونه معي . قرأ ابن كثير وحده . ( ما مكنني ) بنونين ، وقرأ الباقون بنون واحدة . { أَجعَل بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا } هذا جواب الأمر ، والردم : ما جعل بعضه على بعض حتى يتصل . قال الهروي : يقال : ردمت الثلمة أردمها بالكسر ردماً : أي سددتها ، والردم أيضاً الاسم ، وهو السدّ ، وقيل : الردم أبلغ من السدّ ، إذ السدّ كل ما يسدّ به ، والردم : وضع الشيء على الشيء من حجارة أو تراب أو نحوهما حتى يقوم من ذلك حجاب منيع ، ومنه ردم ثوبه : إذا رقعه برقاع متكاثفة بعضها فوق بعض ، ومنه قول عنترة :

هل غادر الشعراء من متردّم *** . . .

أي : من قول يركب بعضه على بعض .

/خ98