إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيۡرٞ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجۡعَلۡ بَيۡنَكُمۡ وَبَيۡنَهُمۡ رَدۡمًا} (95)

{ قَالَ مَا مَكَّنّي } بالإدغام وقرئ بالفك ، أي ما مكّنني { فِيهِ ربّي } وجعلني فيه مكيناً وقادراً من المُلك والمال وسائرِ الأسباب { خَيْرٌ } أي مما تريدون أن تبذُلوه إليّ من الخَرْج فلا حاجة بي إليه { فأعينوني بِقُوَّةٍ } أي بفَعَلة وصُنّاع يُحسنون البناءَ والعمل وبآلات لا بد منها من البناء ، والفاءُ لتفريع الأمر بالإعانة على خيرية ما مكّنه الله تعالى فيه من مالهم أو على عدم قَبولِ خَرْجهم { أَجَعَلَ } جواب للأمر { بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ } تقديمُ إضافةِ الظرف إلى ضمير المخاطبين على إضافته إلى ضمير يأجوج ومأجوج ، لإظهار كمالِ العناية بمصالحهم كما راعَوْه في قولهم : بيننا وبينهم { رَدْمًا } أي حاجزاً حصيناً وبرزخاً متيناً وهو أكبرُ من السدّ وأوثقُ ، يقال : ثوبٌ مُرَدّم أي فيه رِقاع فوق رِقاعٍ وهذا إسعافٌ بمرامهم فوق ما يرجونه .