معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{يُصۡهَرُ بِهِۦ مَا فِي بُطُونِهِمۡ وَٱلۡجُلُودُ} (20)

قوله تعالى : { يصهر به } أي : يذاب بالحميم ، { ما في بطونهم } يقال : صهرت الإلية والشحم بالنار إذا أذبتهما أصهرهما صهراً ، معناه يذاب بالحميم الذي يصب من فوق رؤوسهم حتى يسقط ما في بطونهم من الشحوم والأحشاء ، { والجلود } أي : يشوي حرها جلودهم فتتساقط .

أخبرنا أبو بكر بن محمد بن عبد الله الخلال ، أنبأنا عبد الله بن المبارك ، عن سعيد بن زيد ، عن أبي السمح ، عن أبي جحيرة واسمه عبد الرحمن ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الحميم ليصب على رؤوسهم فينفذ الجمجمة حتى يخلص إلى جوفه فيسلت ما في جوفه حتى يمرق من قدميه ، وهو المصهر ، ثم يعاد كما كان " .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{يُصۡهَرُ بِهِۦ مَا فِي بُطُونِهِمۡ وَٱلۡجُلُودُ} (20)

و { يصهر } معناه يذاب ، وقيل معناه يعصر وهذه العبارة قلقة ، وقيل معناه ينضج ومنه قول الشاعر «تصهره الشمس ولا ينصهر »{[8332]} وإنما يشبه فيمن قال يعصر .

أنه أراد الحميم يهبط كل ما يلقى في الجوف ويكشطه ويسلته ، وقد روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يسلته ويبلغ به قدميه ويذيبه ، ثم يعاد كما كان{[8333]} ، وقرأ الجمهور «يصهر » وقرأت فرقة «يصَهّر » بفتح الضاد وشد الهاء .


[8332]:هذا عجز بيت قاله ابن أحمر يصف فرخ قطاة، والبيت بتمامه: تروي لقى ألقي في صفصف تصهره الشمس فما ينصهر وهو في اللسان (صهر) كما أثبتناه، وفي الطبري "ولا ينصهر" كما ذكره المؤلف. وتروي معناه: تسقي، أي: تسوق إليه الماء فتصير له كالرواية، يقال: رويت أهلي وعليهم إذا أتيتهم بالماء، واللقى: كل شيء مطروح متروك ملقى على الأرض لهوانه، والصفصف: الأرض الملساة المستوية. والصهر: إذابة الشحم، يقال: صهر الشحم يصهره صهرا: أذابه.
[8333]:أخرجه عبد بن حميد، والترمذي وصححه، وعبد الله بن أحمد في "زوائد الزهد"، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وأبو نعيم في "الحلية"، وابن مردويه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، ولفظه أنه تلا هذه الآية فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الحميم ليصب على رءوسهم فينفذ الجمجمة حتى يخلص إلى جوفه فيسلت ما في جوفه حتى يمرق من قدمه ـ وهو الصهر ـ ثم يعاد كما كان).