معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أَمَّن يَهۡدِيكُمۡ فِي ظُلُمَٰتِ ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ وَمَن يُرۡسِلُ ٱلرِّيَٰحَ بُشۡرَۢا بَيۡنَ يَدَيۡ رَحۡمَتِهِۦٓۗ أَءِلَٰهٞ مَّعَ ٱللَّهِۚ تَعَٰلَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشۡرِكُونَ} (63)

قوله تعالى : { أمن يهديكم في ظلمات البر والبحر }إذا سافرتم { ومن يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته } أي : قدام المطر .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَمَّن يَهۡدِيكُمۡ فِي ظُلُمَٰتِ ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ وَمَن يُرۡسِلُ ٱلرِّيَٰحَ بُشۡرَۢا بَيۡنَ يَدَيۡ رَحۡمَتِهِۦٓۗ أَءِلَٰهٞ مَّعَ ٱللَّهِۚ تَعَٰلَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشۡرِكُونَ} (63)

{ أمن يهديكم في ظلمات البر والبحر } بالنجوم وعلامات الأرض ، وال { ظلمات } ظلمات الليالي وإضافتها إلى { البر والبحر } للملابسة ، أو مشتبهات الطرق يقال طريقة ظلماء وعمياء للتي لا منار بها . { ومن يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته } يعني المطر ، ولو صح أن السبب الأكثر في تكون الرياح معاودة الأدخنة الصاعدة من الطبقة الباردة لانكسار حرها وتمويجها الهواء فلا شك أن الأسباب الفاعلية والقابلية لذلك من خلق الله تعالى ، والفاعل للسبب فعل للمسبب . { أإله مع الله } يقدر على مثل ذلك . { تعالى الله عما يشركون } تعالى الله القادر الخالق عن مشاركة العاجز المخلوق .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَمَّن يَهۡدِيكُمۡ فِي ظُلُمَٰتِ ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ وَمَن يُرۡسِلُ ٱلرِّيَٰحَ بُشۡرَۢا بَيۡنَ يَدَيۡ رَحۡمَتِهِۦٓۗ أَءِلَٰهٞ مَّعَ ٱللَّهِۚ تَعَٰلَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشۡرِكُونَ} (63)

و «الظلمات » عام لظلمة الليل التي هي الحقيقة في اللغة ولظلمة الجهل والضلال والخوف التي هي مجازات وتشبيهات وهذا كقول الشاعر :

«تجلت عمايات الرجال عن الصبا »{[9050]} . . . وكما تقول أظلم الأمر وأنار ، وقد تقدم اختلاف القراء في قوله { نشراً } ، وقرأ الحسن وغيره ، «يشركون » بالياء على الغيبة ، وقرأ الجمهور «تشركون » على المخاطبة .


[9050]:الموجود في الأصول: (تجلت عمايات الرجال) فقط، وأكملنا عن (اللسان- عمي)، قال: "والعماية: الجهالة بالشيء، ومنه قوله: *تجلت عمايات الرجال عن الصبا – وعماية الجاهلية: جهالتها"، والمعنى: ذهبت جهالات الصبا وزالت. والشاهد أن الظلمات تطلق مجازا على جهالات الصبا.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{أَمَّن يَهۡدِيكُمۡ فِي ظُلُمَٰتِ ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ وَمَن يُرۡسِلُ ٱلرِّيَٰحَ بُشۡرَۢا بَيۡنَ يَدَيۡ رَحۡمَتِهِۦٓۗ أَءِلَٰهٞ مَّعَ ٱللَّهِۚ تَعَٰلَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشۡرِكُونَ} (63)

( بل ) لإضراب الانتقال من نوع دلائل التصرف في أحوال عامة الناس إلى دلائل التصرف في أحوال المسافرين منهم في البر والبحر فإنهم أدرى بهذه الأحوال وأقدر لما في خلالها من النعمة والامتنان .

ذكر الهداية في ظلمات الليل في البرّ والبحر . وإضافة الظلمات إلى البر والبحر على معنى ( في ) . والهُدى في هذه الظلمات بسير النجوم كما قال تعالى { وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر } [ الأنعام : 97 ] . فالله الهادي للسير في تلك الظلمات بأن خلق النجوم على نظام صالح للهداية في ذلك ، وبأن ركّب في الناس مدارك للمعرفة بإرصاد سيرها وصعودها وهبوطها ، وهداهم أيضاً بمهاب الرياح ، وخوّلهم معرفة اختلافها بإحساس جفافها ورطوبتها ، وحرارتها وبردها .

وبهذه المناسبة أُدمج الامتنان بفوائد الرياح في إثارة السحاب الذي به المطر وهو المعنيّ برحمة الله . وإرساله الرياح هو خلق أسباب تكونها .

وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو { نُشُرا } بضمتين وبالنون . وقرأه ابن عامر بالنون بضم فسكون . وقرأ عاصم { بُشْراً } بالموحدة وبسكون الشين مع التنوين . وقرأه حمزة والكسائي بفتح النون وسكون الشين . وقد تقدم في سورة الفرقان ( 48 ) { وهو الذي أرسل الرياح نشراً بين يدي رحمته } وتقدم في سورة الأعراف ( 57 ) { وهو الذي يرسل الرياح نشراً بين يدي رحمته } ، وتوجيه هذه القراءات هنالك .

وذُيّل هذا الدليل بتنزيه الله تعالى عن إشراكهم معه آلهة لأن هذا خاتمة الاستدلال عليهم بما لا ينازعون في أنه من تصرف الله فجيء بعده بالتنزيه عن الشرك كله وذلك تصريح بما أشارت إليه التذييلات السابقة .