السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{أَمَّن يَهۡدِيكُمۡ فِي ظُلُمَٰتِ ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ وَمَن يُرۡسِلُ ٱلرِّيَٰحَ بُشۡرَۢا بَيۡنَ يَدَيۡ رَحۡمَتِهِۦٓۗ أَءِلَٰهٞ مَّعَ ٱللَّهِۚ تَعَٰلَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشۡرِكُونَ} (63)

الرابع منها : قوله تعالى : { أم من يهديكم } أي : يرشدكم إلى مقاصدكم { في ظلمات البر } أي : بالنجوم والجبال والرياح { والبحر } بالنجوم والرياح { ومن يرسل الرياح } أي : التي هي دلائل السير { بُشراً } أي : تنشر السحاب وتجمعها { بين يدي رحمته } أي : التي هي المطر تسمية للمسبب باسم السبب والرياح التي يهتدي بها في المقاصد أربع : التي من تجاه الكعبة الصبا ، ومن ورائها الدبور ، ومن جهة يمينها الجنوب ، ومن شمالها الشمال ولكل منها طبع فالصبا حارة يابسة ، والدبور باردة رطبة ، والجنوب حارة رطبة ، والشمال باردة يابسة وهي ريح الجنة التي تهب على أهلها جعلنا الله ووالدينا ومشايخنا وأصحابنا ومن انتفع بشيء من هذا التفسير ودعا لنا بالمغفرة منهم ، وقرأ حمزة والكسائي وابن كثير الريح بالإفراد ، والباقون بالجمع ، وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو نشراً بضم النون والشين وابن عامر بضم النون وسكون الشين ، وحمزة والكسائي بفتح النون وسكون الشين وعاصم بالباء الموحدة مضمومة وسكون الشين . ولما انكشف بما مضى من الآيات ما كانوا في ظلامه من واهي الشبهات واتضحت الأدلة ، ولم يبق لأحد في شيء من ذلك علة ، كرّر سبحانه وتعالى الإنكار في قوله تعالى { أإله مع الله } أي : الذي كمل علمه { تعالى الله } أي : الفاعل القادر المختار { عما يشركون } به غيره ، وأين رتبة العجز من رتبة القدرة .