معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ثُمَّ أَمَاتَهُۥ فَأَقۡبَرَهُۥ} (21)

{ ثم أماته فأقبره } جعل له قبراً يوارى فيه . قال الفراء : جعله مقبوراً ولم يجعله ممن يلقى كالسباع والطيور . يقال : قبرت الميت إذا دفنته ، وأقبره الله : أي صيره بحيث يقبر ، وجعله ذا قبر ، كما يقال : طردت فلاناً والله أطرده أي صيره طريداً .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{ثُمَّ أَمَاتَهُۥ فَأَقۡبَرَهُۥ} (21)

ولذلك عقبه بقوله عاداً الموت من النعم لأنه لو دام الإنسان حياً مع ما يصل إليه من الضغف والخوف لكان في غاية البشاعة والشماتة لأعدائه والمساءة لأوليائه على أن الموت سبب الحياة الأبدية : { ثم } أي بعد أمور قدرها سبحانه من أجل وتقلبات { أماته } وأشار إلى إيجاب المبادرة إلى التجهيز بالفاء المعقبة في قوله { فأقبره * } أي جعل له قبراً فغيبه فيه-{[71704]} وأمر بدفنه تكرمة له وصيانة عن السباع ، والإقبار جعلك للميت قبراً وإعطاؤك القتيل لأهله ليدفنوه ، والمعنى الامتنان بأنه جعل للأنسان موضعاً يصلح لدفنه وجعله بعد الموت بحيث يتمكن من دفنه{[71705]} ، ولو شاء لجعله يتفتت مع النتن ونحوه مما{[71706]} يمنع من قربانه ، أو جعله بحيث يتهاون به فلا يدفن كبقية الحيوانات ، فقد عرف بهذا أن أول الإنسان نطفة مذرة ، وآخره جيفة قذرة ، وهو فيما بين ذلك يحمل العذرة ، فما شرفه بالعلم إلا الذي أبدعه وصوره ، وذلك موجب لأن يشكره لا أن يكفره .


[71704]:زيد من ظ و م.
[71705]:من ظ و م، وفي الأصل: يمكن.
[71706]:من ظ و م، وفي الأصل: فما.