الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{ثُمَّ أَمَاتَهُۥ فَأَقۡبَرَهُۥ} (21)

قوله تعالى : " ثم أماته فأقبره " أي جعل له قبرا يواري فيه إكراما ، ولم يجعله مما يلقي على وجه الأرض تأكله الطير والعوافي{[15806]} . قاله الفراء . وقال أبو عبيدة : " أقبره " : جعل له قبرا ، وأمر أن يقبر . قال أبو عبيدة : ولما قتل عمر بن هبيرة صالح بن عبد الرحمن ، قالت بنو تميم ودخلوا عليه : أقبرنا صالحا . فقال : دونكموه . وقال : " أقبره " ولم يقل قبره ؛ لأن القابر هو الدافن بيده ، قال الأعشى :

لو أسنَدَتْ مَيْتاً إلى نحرِها *** عاشَ ولم يُنْقَلْ إلى قَابِرِ

يقال : قبرت الميت : إذا دفنته ، وأقبره الله : أي صيره بحيث يقبر ، وجعل له قبرا ، تقول العرب : بترت ذنب البعير ، وأبتره الله ، وعضبت قرن الثور ، وأعضبه الله ، وطردت فلانا ، والله أطرده ، أي صيره طريدا .


[15806]:العوافي: طلاب الرزق من الإنس والدواب والطير، والمراد هنا: الوحوش والبهائم.