معاني القرآن للفراء - الفراء  
{ثُمَّ أَمَاتَهُۥ فَأَقۡبَرَهُۥ} (21)

وقوله عز وجل : { ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ } .

جعله مقبورا ، ولم يجعله ممن يُلقَى للسباع والطير ، ولا ممن يلقى في النواويس ، كأن القبر مما أكرم المسلم به ، ولم يقل : فقبره ؛ لأنّ القابر هو الدافن بيده ، والمُقبِر : الله تبارك وتعالى ؛ لأنه صيره ذا قبر ، وليس فعله كفعل الآدمي . والعرب تقول : بترتُ ذنب البعير ، والله أبتره . وعضبت قرن الثور ، والله أعضبه ، وطردت فلانا عني ، والله أطرده صيّره طريدا ، ولو قال قائل : فقبره ، أو قال في الآدمي : أقبره إذا وجهه لجهته صلح ، وكان صوابا ؛ ألا ترى أنك تقول : قتل فلان أخاه ، فيقول الآخر : الله قتله . والعرب تقول : هذه كلمة مُقتلة مُخيفة إذا كانت من قالها قُتِل قيلت هكذا ، ولو قيل فيها : قاتلة خائفة كان صوابا ، كما تقول : هذا الداء قاتلك .