معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِ ءَايَٰتُنَا وَلَّىٰ مُسۡتَكۡبِرٗا كَأَن لَّمۡ يَسۡمَعۡهَا كَأَنَّ فِيٓ أُذُنَيۡهِ وَقۡرٗاۖ فَبَشِّرۡهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (7)

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِ ءَايَٰتُنَا وَلَّىٰ مُسۡتَكۡبِرٗا كَأَن لَّمۡ يَسۡمَعۡهَا كَأَنَّ فِيٓ أُذُنَيۡهِ وَقۡرٗاۖ فَبَشِّرۡهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (7)

ثم قال تعالى : { وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا } أي : هذا المقبل على اللهو واللعب والطرب ، إذا تليت عليه الآيات القرآنية ، ولى عنها وأعرض وأدبر وتَصَامّ وما به من صَمَم ، كأنه ما يسمعها ؛ لأنه يتأذى بسماعها ، إذ لا انتفاع له بها ، ولا أرَبَ له فيها ، { فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } أي : يوم القيامة يؤلمه ، كما تألم بسماع كتاب الله وآياته .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِ ءَايَٰتُنَا وَلَّىٰ مُسۡتَكۡبِرٗا كَأَن لَّمۡ يَسۡمَعۡهَا كَأَنَّ فِيٓ أُذُنَيۡهِ وَقۡرٗاۖ فَبَشِّرۡهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (7)

ودل قوله { تتلى عليه } أنه يواجه بتبليغ القرآن وإسماعه . وقوله { ولى } تمثيل للإعراض عن آيات الله كقوله تعالى { ثم أدبر يسعى } [ النازعات : 22 ] و { مُسْتَكْبِراً } حال ، أي هو إعراض استكبار لا إعراض تفريط في الخير فحسب .

وشُبه في ذلك بالذي لا يسمع الآيات التي تتلى عليه ، ووجه الشبه هو عدم التأثر ولو تأثراً يعقبه إعراضٌ كتأثر الوليد بن المغيرة .

و { كأنْ } مخففة من ( كأنَّ ) وهي في موضع الحال من ضمير { مستكبراً . } وكرر التشبيه لتقويته مع اختلاف الكيفية في أن عدم السمع مرة مع تمكن آلة السمع ومرة مع انعدام قوة آلته فشبه ثانياً بمن في أذنيه وقر وهو أخص من معنى { كأن لم يسمعها } ومثل هذا التشبيه الثاني قول لبيد :

فتنازعا سَبِطاً يَطير ظلاله *** كدخان مُشْعَلَةٍ يشِبّ ضِرامها

مشموله غُلِثتْ بنابت عَرْفَج *** كدُخان نارٍ سَاطِع أسنامُهـا

والوقر : أصله الثقل ، وشاع في الصمم مجازاً مشهوراً ساوى الحقيقة ، وقد تقدم في قوله { وفي آذانهم وقراً } في سورة الأنعام ( 25 ) . وقرأ نافع في { أذْنيه } بسكون الذال للتخفيف لأجل ثقل المثنى ، وقرأه الباقون بضم الذال على الأصل . وقد ترتب على هذه الأعمال التي وصف بها أن أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يُوعِده بعذاب أليم . وإطلاق البشارة هنا استعارة تهكمية ، كقول عمرو بن كلثوم :

فعجَّلْنا القِرى أنْ تشتمونا

وقد عذب النضر بالسيف إذ قتل صبراً يوم بدر ، فذلك عذاب الدنيا ، وعذاب الآخرة أشد .