إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِ ءَايَٰتُنَا وَلَّىٰ مُسۡتَكۡبِرٗا كَأَن لَّمۡ يَسۡمَعۡهَا كَأَنَّ فِيٓ أُذُنَيۡهِ وَقۡرٗاۖ فَبَشِّرۡهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (7)

{ وَإِذَا تتلى عَلَيْهِ } أي على المُشتري ، أُفرد الضَّميرُ فيه وفيما بعدَه كالضَّمائرِ الثلاثةِ الأولِ باعتبارِ لفظةِ مَن بعدَ ما جُمع فيما بينهما باعتبارِ معناها . { آياتنا } التي هي آياتُ الكتابِ الحكيمِ وهدى ورحمةٌ للمحسنين { وَلَّى } أعرض عنها غيرَ معتدَ بها { مُسْتَكْبِراً } مبالغاً في التَّكَبُّر { كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا } حالٌ من ضمير ولَّى أو من ضميرٍ مستكبراً . والأصلُ كأنَّه فحذف ضميرُ الشَّأنِ وخُفِّفتْ المُثقَّلةُ أي مشبهاً حاله حالَ مَن لم يسمعها وهو سامعٌ وفيه رمزٌ إلى أنَّ مَن سمعها لا يُتصوَّرُ منه التَّوليةُ والاستكبارُ لما فيها من الأمورِ الموجبةِ للإقبالِ عليها والخضوعِ لها على طريقةِ قولِ مَن قال : [ الطويل ]

[ أيا شجر الخابور مالك مورقا *** كأنَّك لم تَجْزَعْ على ابنِ طَرِيْفِ{[650]} { كَأَنَّ في أُذُنَيْهِ وَقْراً } حال من ضميرِ لم يسمعْها أي مُشبِهاً حالُه حالَ من في أذينه ثقَلٌ مانع من السَّماعِ ويجوز أنْ يكونا استئنافين . وقرئ في أُذْنيهِ بسكونِ الذَّالِ . { فَبَشّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } أي فأعلمه بأنَّ العذابَ المفرط في الإيلام لاحقٌ به لا محالة ، وذكرُ البشارةِ للتَّهكمِ


[650]:وهو لليلى بنت طريف في الأغاني (12/85،86) والحماسة الشجرية (1/328) والدرر (2/163) وشرح شواهد المغني (ص148) "وفيه" وقيل اسمها سلمى. ولليلى أو لمحمد بن بجرة في سمط اللآلي (ص 913) وللخارجية في الأشباه والنظائر (5/310) وبلا نسبة في لسان العرب (4/229) (خبر) ومغني اللبيب (1/47) والشاهد فيه أن "كأن" فيه تحتمل أن تكون لتجاهل العارف.