البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِ ءَايَٰتُنَا وَلَّىٰ مُسۡتَكۡبِرٗا كَأَن لَّمۡ يَسۡمَعۡهَا كَأَنَّ فِيٓ أُذُنَيۡهِ وَقۡرٗاۖ فَبَشِّرۡهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (7)

{ وإذا تتلى عليه } : بدأ أولاً بالحمل على اللفظ ، فأفرد في قوله : { من يشتري } ، { وليضل } ، { ويتخذها } ، ثم جمع على الضمير في قوله : { أولئك لهم } ، ثم حمل على اللفظ فأفرد في قوله : { وإذا تتلى } إلى آخره .

ومن في : { من يشتري } موصولة ، ونظيره في من الشرطية قوله : { ومن يؤمن بالله } فما بعده أفرد ثم قال : { خالدين } ، فجمع ثم قال : { قد أحسن الله له رزقاً } فأفرد ، ولا نعلم جاء في القرآن ما حمل على اللفظ ، ثم على المعنى ، ثم على اللفظ ، غير هاتين الآيتين .

والنحويون يذكرون { ومن يؤمن بالله } الآية فقط ، ثم على المعنى ، ثم على اللفظ ، ويستدلون بها على أن هذا الحكم جار في من الموصولة ونظيرها مما لم يثن ولم يجمع من الموصولات .

وتضمنت هذه الآية ذم المشتري من وجوه التولية عن الحكمة ، ثم الاستكبار ، ثم عدم الالتفات إلى سماعها ، كأنه غافل عنها ، ثم الإيغال في الإعراض بكون أذنيه كأن فيهما صمماً يصده عن السماع .

و { كأن لم يسمعها } : حال من الضمير في { مستكبراً } ، أي مشبهاً حال من لم يسمعها ، لكونه لا يجعل لها بالاً ولا يلتفت إليها ؛ وكأن هي المخففة من الثقيلة ، واسمها ضمير الشأن واجب الحذف .

و { كأن في أذنيه وقراً } : حال من لم يسمعها .

وقال الزمخشري : ويجوز أن يكونا استئنافين .

انتهى ، يعني الجملتين التشبيهيتين .