روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِ ءَايَٰتُنَا وَلَّىٰ مُسۡتَكۡبِرٗا كَأَن لَّمۡ يَسۡمَعۡهَا كَأَنَّ فِيٓ أُذُنَيۡهِ وَقۡرٗاۖ فَبَشِّرۡهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (7)

{ وَإِذَا تتلى عَلَيْهِ } ففي الآية مراعاة اللفظ ثم مراعاة المعنى ثم مراعاة اللفظ ونظيرها في ذلك قوله تعالى في سورة الطلاق ( 11 ) { وَمَن يُؤْمِن بالله } الآية ، قال أبو حيان : ولا نعلم جاء في القرآن ما حمل على اللفظ ثم على المعنى ثم على اللفظ غير هاتين الآيتين ، وقال الخفاجي : ليس كذلك فإن لها نظائر أي وإذا تتلى على المشتري المذكور { ءاياتنا } الجليلة الشأن { وَلِىُّ } أعرض عنها غير معتد بها { مُسْتَكْبِراً } مبالغاً في التكبر فالاستفعال بمعنى التفعل { كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا } حال من ضمير { وَلِىُّ } أو من ضمير { مُسْتَكْبِراً } أي مشابهاً حاله في اعراضه تكبراً أو في تكبره حال من لم يسمعها وهو سامع ، وفيه رمز إلى أن من سمعها لا يتصور منه التولية والاستكبار لما فيها من الأمور الموجبة للإقبال عليها والخضوع لها على طريقة قول الخنساء :

أيا شجر الخابور مالك مورقا *** كأنك لم تجزع على ابن طريف

و { كَانَ } المخففة ملغاة لا حاجة إلى تقدير ضمير شأن فيها وبعضهم يقدره { كَأَنَّ فِى أُذُنَيْهِ وَقْراً } أي صمما مانعاً من السماع ، وأصل معنى الوقر الحمل الثقيل استعير للصمم ثم غلب حتى صار حقيقة فيه ، والجملة حال من ضمير لم يسمعها أو هي بدل منها بدل كل من كل أو بيان لها ويجوز أن تكون حالاً من أحد السابقين ، ويجوز أن تكون كلتا الجملتين مستأنفتين والمراد من الجملة الثانية الترقي في الذم وتثقيل { كَانَ } في الثانية كأنه لمناسبته للثقل في معناه ، وقرأ نافع { فِى أُذُنَيْهِ } بسكون الذال تخفيفاً { فَبَشّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } أي أعلمه أن العذاب المفرط في الإيلام لا حق به لا محالة ، وذكر البشارة للتهكم .