معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِنَّهُۥ مِن سُلَيۡمَٰنَ وَإِنَّهُۥ بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ} (30)

ثم بينت القرآن فقالت :{ إنه من سليمان } وبينت المكتوب فقالت : { وإنه بسم الله الرحمن الرحيم* } .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِنَّهُۥ مِن سُلَيۡمَٰنَ وَإِنَّهُۥ بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ} (30)

{ إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَلا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } . فعرفوا أنه من نبي الله سليمان ، وأنه لا قبَل لهم به . وهذا الكتاب في غاية البلاغة والوجازة والفصاحة ، فإنه حَصّل المعنى بأيسر عبارة وأحسنها ، قال العلماء : ولم يكتب أحد { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } قبل سليمان ، عليه السلام .

وقد روى ابن أبي حاتم في ذلك حديثًا في تفسيره ، حيث قال : حدثنا أبي ، حدثنا هارون بن الفضل{[22027]} أبو يعلى الحناط{[22028]} ، حدثنا أبو يوسف ، عن سلمة بن صالح ، [ عن عبد الكريم ]{[22029]} أبي أمية ، عن ابن بُرَيدة ، عن أبيه قال : كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " إني أعلم آية لم

تنزل على نبي قبلي بعد سليمان بن داود " قال : قلت : يا رسول الله ، أي آية ؟ قال : " سأعلمكها قبل أن أخرج من المسجد " . قال : فانتهى إلى الباب ، فأخرج إحدى قدميه ، فقلت : نسي ، ثم التفت إلي وقال { إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ }{[22030]} .

هذا حديث غريب ، وإسناده ضعيف .

وقال ميمون بن مِهْرَان : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكتب : باسمك اللهم ، حتى نزلت هذه الآية ، فكتب : { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } .


[22027]:- في أ : "المفضل".
[22028]:- في ف ، أ : "الخياط".
[22029]:- زيادة من ف ، أ.
[22030]:- ورواه أبو نعيم في تاريخ أصفهان (2/187) من طريق الحسين بن حفص عن أبي يوسف به.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِنَّهُۥ مِن سُلَيۡمَٰنَ وَإِنَّهُۥ بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ} (30)

{ إنه من سليمان } استئناف كأنه قيل لها ممن هو وما هو فقالت إنه ، أي إن الكتاب أو العنوان من سليمان { وإنه } أي وإن المكتوب أو المضمون . وقرئ بالفتح على الإبدال من { كتاب } أو التعليل لكرمه . { بسم الله الرحمن الرحيم } .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِنَّهُۥ مِن سُلَيۡمَٰنَ وَإِنَّهُۥ بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ} (30)

ثم قصَّت عليهم الكتاب حين قالت : { إنه من سليمان وإنه } إلى آخره . فيحتمل أن يكون قد تُرجم لها قبل أن تخرج إلى مجلس مشُورتها ، ويحتمل أن تكون عارفة بالعبرانية ، ويحتمل أن يكون الكتاب مكتوباً بالعربية القحطانية ، فإن عظمة ملك سليمان لا تخلو من كتَّاب عارفين بلغات الأمم المجاورة لمملكته ، وكونه بلغته أظهر وأنسب بشعار الملوك ، وقد كتب النبي صلى الله عليه وسلم للملوك باللغة العربية .

أما الكلام المذكور في هذه الآية فهو ترجمة الكتاب إلى اللغة العربية الفصحى بتضمين دقائقه وخصوصيات اللغة التي أنشىء بها .

وقوله : { إنه من سليمان } هو من كلام الملكة ابتدأت به مخاطَبة أهل مشُورتها لإيقاظ أفهامهم إلى التدبر في مغزاه لأن اللائق بسليمان أن لا يقدِّم في كتابه شيئاً قبل اسم الله تعالى ، وأن معرفة اسم سليمان تؤخذ من ختمه وهو خارج الكتاب فلذلك ابتدأت به أيضاً .

والتأكيد ب ( إنَّ ) في الموضعين يترجم عما في كلامهما باللغة السبائية من عبارات دالة على اهتمامها بمُرسل الكتاب وبما تضمنه الكتاب اهتماماً يؤدَّى مثله في العربية الفصحى بحرف التأكيد الذي يدل على الاهتمام في مقام لا شك فيه .

وتكرير حرف ( إن ) بعد واو العطف إيماء إلى اختلاف المعطوف والمعطوف عليه بأن المراد بالمعطوف عليه ذاتُ الكتاب ، والمرادَ بالمعطوف معناه وما اشتمل عليه ، كما تقول : إن فلاناً لحسن الطلعة وإنه لزكيّ .

وهذا من خصوصيات إعادة العامل بعد حرف العطف مع إغناء حرف العطف عن ذكر العامل ، ونظيره قوله تعالى : { يأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمرِ منكم } [ النساء : 59 ] ، أعيد { أطيعوا } لاختلاف معنى الطاعتين ، لأن طاعة الله تنصرف إلى الأعمال الدينية ، وطاعة الرسول مراد بها طاعته في التصرفات الدنيوية ، ولذلك عُطف على الرسول أولو الأمر من الأمة .

وقوله : { إنه من سليمان } حكاية لمقالها ، وعرفت هي ذلك من عنوان الكتاب بأعلاه أو بظاهره على حسب طريقة الرسائل السلطانية في ذلك العهد في بني إسرائيل ، مثل افتتاح كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الملوك بجملة : « مِن محمد رسول الله » .

وافتتاح الكتاب بجملة البسملة يدل على أن مرادفها كان خاصاً بكُتُب النبي سليمان أن يُتبع اسم الجلالة بوصفي : الرحمان الرحيم ، فصار ذلك سنة لافتتاح الأمور ذوات البال في الإسلام ادخره الله للمسلمين من بقايا سنة الأنبياء بعد أن تنوسي ذلك فإنه لم يعرف أن بني إسرائيل افتتحوا كتبهم باسم الله الرحمن الرحيم .

روى أبو داود في كتاب « المراسيل » : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكتب « باسمك اللهم » كما كانت قريش تكتب ، فلما نزلتْ هذه الآية صار يكتب « بسم الله الرحمن الرحيم » ، أي صار يكتب البسملة في أول كتبه . وأما جعلها فصلاً بين السور أو آية من كل سورة فمسألة أخرى .

وكان كتاب سليمان وجيزاً لأن ذلك أنسب بمخاطبة من لا يحسن لغة المخاطب فيقتصر له على المقصود لإمكان ترجمته وحُصول فهمه فأحاط كتابه بالمقصود ، وهو تحذير ملكة سبأ من أن تحاول الترفع على الخضوع إلى سليمان والطاعة له كما كان شأن الملوك المجاورين له بمصر وصور والعراق .

فالإتيان المأمور به في قوله : { وأتوني مسلمين } هو إتيان مجازي مثل ما يقال : اتبع سبيلي .

و { مسلمين } مشتق من أسلم إذا تقلد الإسلام . وإطلاق اسم الإسلام على الدين يدل على أن سليمان إنما دعا ملكة سبأ وقومها إلى نبذ الشرك والاعتراف لله بالإلهية والوحدانية ولم يدعهم إلى اتباع شريعة التوراة لأنهم غير مخاطبين بها وأما دعوتهم إلى إفراد الله بالعبادة والاعتراف له بالوحدانية في الإلهية فذلك مما خاطب الله به البشر كلهم وشاع ذلك فيهم من عهد آدم ونوح وإبراهيم . وقد بيّنا ذلك عند قوله تعالى : { فلا تموتُنّ إلا وأنتم مسلمون } في سورة البقرة ( 132 ) ، قال تعالى : { ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان } [ يس : 60 ] . جمع سليمان بين دعوتها إلى مسالمته وطاعته وذلك تصرف بصفة الملك ، وبين دعوة قومها إلى اتباع دين التوحيد وذلك تصرف بالنبوءة لأن النبي يلقي الإرشاد إلى الهُدى حيثما تمكَّن منه كما قال شعيب { إنْ أريد إلا الإصلاح ما استطعتُ } [ هود : 88 ] وهذا نظير قول يوسف لصاحبي السجن { أأرباب متفرقون خيرٌ أم الله الواحد القهار } [ يوسف : 39 ] الآية . وإن كان لم يرسل إليهم ، فالأنبياء مأمورون أمراً عاماً بالإرشاد إلى الحق ، وكذلك دعاء سليمان هنا ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم " لأن يهدي الله بك رجلاً خير لك من حُمْر النعم " فهذه سنة الشرائع لأن الغاية المهمة عندها هو إصلاح النفوس دون التشفي وحب الغلبة .

وحرف ( أنْ ) من قوله : { أن لا تعلوا عليّ } في موقعه غموض لأن الظاهر أنه مما شمله كتاب سليمان لوقوعه بعد البسملة التي هي مبدأ الكتاب . وهذا الحرف لا يخلو من كونه ( أن ) المصدرية الناصبة للمضارع ، أو المخففة من الثقيلة ، أو التفسيرية .

فأما معنى ( أَنْ ) المصدرية الناصبة للمضارع فلا يتضح لأنها تستدعي عاملاً يكون مصدرُها المنسبك بها معمولاً له وليس في الكلام ما يصلح لذلك لفظاً مطلقاً ولا معنى إلا بتعسف ، وقد جوزه ابن هشام في « مغني اللبيب » في بحث ( أَلاّ ) الذي هو حرف تحضيض وهو وجهة شيخنا محمد النجار رحمه الله بأن يُجعل { أن لا تعلوا } إلخ خبراً عن ضمير { كتاب } في قوله : { وإنه } فحيث كان مضمون الكتاب النهيَ عن العلو جُعل { أن لا تعلوا } نفسَ الكتاب كما يقع الإخبار بالمصدر . وهذا تكلف لأنه يقتضي الفصل بين أجزاء الكتاب بقوله : { بسم الله الرحمن الرحيم } .

وأما معنى المخففة من الثقيلة فكذلك لوجوب سدّ مصدر مسدّها وكونها معمولة لعامل ، وليس في الكلام ما يصلح لذلك أيضاً . وقد ذكر وجهاً ثالثاً في الآية في بعض نسخ « مغني اللبيب » في بحث ( أَلاَّ ) أيضاً ولم يوجد في النسخ الصحيحة من « المغني » ولا من « شروحه » ولعله من زيادات بعض الطلبة . وقد اقتصر في « الكشاف » على وجه التفسيرية لعلمه بأن غير ذلك لا ينبغي أن يفرض . وأعقبه بما روي من نسخة كتاب سليمان ليظهر أن ليس في كتاب سليمان ما يقابل حرف ( أنْ ) فلذلك تتعين ( أنْ ) لمعنى التفسيرية لضمير { وإنه } العائد إلى { كتاب } كما علمته آنفاً لأنه لما كان عائداً إلى { كتاب } كان بمعنى معاده فكان مما فيه معنى القول دون حروفه فصح وقع ( أَنْ ) بعده فيكون ( أَنْ ) من كلام ملكة سبأ فَسَّرَتْ بها وبما بعدها مضمون { كتاب } في قولها : { ألقى إلى كتاب كريم } .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{إِنَّهُۥ مِن سُلَيۡمَٰنَ وَإِنَّهُۥ بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ} (30)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله "إنّهُ مِن سُلَيْمانَ وَإنّهُ بِسْمِ اللّهِ الرّحْمَنِ الرّحِيمِ"... ومعنى الكلام: قالت: يا أيها الملأ إني ألقي إليّ كتاب، وإنه من سليمان.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

... وقوله تعالى: {إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم} هو ما ذكرنا؛ كأنهم سألوها: ممن ذلك الكتاب؟ فقالت: {إنه من سليمان} وسألوها أيضا: ما في ذلك الكتاب؟ فقالت {وإنه بسم الله الرحمن الرحيم} {ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين}.

النكت و العيون للماوردي 450 هـ :

{إنه من سليمان...}، أما قولها إنه من سليمان فلإعلامهم مرسل الكتاب وممن هو، وأما قولها {بسم الله الرحمن الرحيم} فلاستنكارها هذا الاستفتاح الذي لم تعرفه هي ولا قومها.

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

والهاء في قوله "انه من سليمان "كناية عن الكتاب، والهاء في قوله "وإنه بسم الله الرحمن الرحيم" كناية عما في الكتاب..

التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي 741 هـ :

{من سليمان} يحتمل أن يكون هذا نص الكتاب بدأ فيه بالعنوان، وأن يكون من كلامها: أخبرتهم أن الكتاب من سليمان.

تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :

فعرفوا أنه من نبي الله سليمان، وأنه لا قبَل لهم به. وهذا الكتاب في غاية البلاغة والوجازة والفصاحة، فإنه حَصّل المعنى بأيسر عبارة وأحسنها...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ثم بينت كرمه أو استأنفت جواباً لمن يقول: ممن هو وما هو؟ فقالت: {إنه} أي الكتاب {من سليمان} وفيه دلالة على أن الابتداء باسم صاحب الكتاب لا يقدح في الابتداء بالحمد {وإنه} أي المكتوب فيه {بسم الله الرحمن الرحيم} فحمد المستحق للحمد وهو الملك الأعلى المحيط عظمه بدائرتي الجلال والإكرام، العام الرحمة بكل نعمة، فملك الملوك من فائض ما له من الإنعام الذي يخص بعد العموم من يشاء بما يشاء مما ترضاه ألوهيته من إنعامه العام، بعد التعريف باسمه إشارة إلى أنه المدعو إليه للعبادة بما وجب له لذاته وما استحقه بصفاته...

تفسير القرآن للمراغي 1371 هـ :

{إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمان الرحيم ألا تعلوا وائتوني مسلمين} ونص هذا الكتاب على وجازته يدل على أمور:

-إنه مشتمل على إثبات الإله ووحدانيته وقدرته وكونه رحمانا رحيما.

-نهيهم عن إتباع أهوائهم، ووجوب اتباعهم للحق.

-أمرهم بالمجيء إليه منقادين خاضعين. وبهذا يكون الكتاب قد جمع كل ما لا بد منه في الدين والدنيا.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

ثم قصَّت عليهم الكتاب حين قالت: {إنه من سليمان وإنه} إلى آخره. فيحتمل أن يكون قد تُرجم لها قبل أن تخرج إلى مجلس مشُورتها، ويحتمل أن تكون عارفة بالعبرانية، ويحتمل أن يكون الكتاب مكتوباً بالعربية القحطانية، فإن عظمة ملك سليمان لا تخلو من كتَّاب عارفين بلغات الأمم المجاورة لمملكته، وكونه بلغته أظهر وأنسب بشعار الملوك، وقد كتب النبي صلى الله عليه وسلم للملوك باللغة العربية.

أما الكلام المذكور في هذه الآية فهو ترجمة الكتاب إلى اللغة العربية الفصحى بتضمين دقائقه وخصوصيات اللغة التي أنشئ بها.

وقوله: {إنه من سليمان} هو من كلام الملكة ابتدأت به مخاطَبة أهل مشُورتها لإيقاظ أفهامهم إلى التدبر في مغزاه لأن اللائق بسليمان أن لا يقدِّم في كتابه شيئاً قبل اسم الله تعالى، وأن معرفة اسم سليمان تؤخذ من ختمه وهو خارج الكتاب فلذلك ابتدأت به أيضاً.

والتأكيد ب (إنَّ) في الموضعين يترجم عما في كلامهما باللغة السبائية من عبارات دالة على اهتمامها بمُرسل الكتاب وبما تضمنه الكتاب اهتماماً يؤدَّى مثله في العربية الفصحى بحرف التأكيد الذي يدل على الاهتمام في مقام لا شك فيه.

وتكرير حرف (إن) بعد واو العطف إيماء إلى اختلاف المعطوف والمعطوف عليه بأن المراد بالمعطوف عليه ذاتُ الكتاب، والمرادَ بالمعطوف معناه وما اشتمل عليه، كما تقول: إن فلاناً لحسن الطلعة وإنه لزكيّ.

وهذا من خصوصيات إعادة العامل بعد حرف العطف مع إغناء حرف العطف عن ذكر العامل، ونظيره قوله تعالى: {يأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمرِ منكم} [النساء: 59]، أعيد {أطيعوا} لاختلاف معنى الطاعتين، لأن طاعة الله تنصرف إلى الأعمال الدينية، وطاعة الرسول مراد بها طاعته في التصرفات الدنيوية، ولذلك عُطف على الرسول أولو الأمر من الأمة.

وقوله: {إنه من سليمان} حكاية لمقالها، وعرفت هي ذلك من عنوان الكتاب بأعلاه أو بظاهره على حسب طريقة الرسائل السلطانية في ذلك العهد في بني إسرائيل، مثل افتتاح كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الملوك بجملة: « مِن محمد رسول الله».

وافتتاح الكتاب بجملة البسملة يدل على أن مرادفها كان خاصاً بكُتُب النبي سليمان أن يُتبع اسم الجلالة بوصفي: الرحمان الرحيم، فصار ذلك سنة لافتتاح الأمور ذوات البال في الإسلام ادخره الله للمسلمين من بقايا سنة الأنبياء بعد أن تنوسي ذلك فإنه لم يعرف أن بني إسرائيل افتتحوا كتبهم باسم الله الرحمن الرحيم.