الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{إِنَّهُۥ مِن سُلَيۡمَٰنَ وَإِنَّهُۥ بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ} (30)

قوله : { إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ } : العامَّةُ على كسرِ الهمزتين على الاستئنافِ جواباً لسؤالِ قومِها كأنَّهم قالوا : مِمَّن الكتابُ ؟ وما فيه ؟ فأجابَتْهم بالجوابَيْن .

وقرأ عبد الله " وإنَّه مِنْ سليمانَ " بزيادةِ واوٍ عاطفةٍ " إنه من سليمان " على قولِه : { إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ } . وقرأ عكرمةُ وابن أبي عبلةَ بفتح الهمزتين . صَرَّح بذلك الزمخشري وغيرُه ، ولم يذكر أبو البقاء إلاَّ الكسرَ في " إنه من سليمان " ، وكأنه سكتَ عن الثانيةِ ؛ لأنها معطوفةٌ على الأولى . وفي تخريجِ الفتح فيهما أوجهٌ ، أحدُهما : أنه بدلٌ من " كتاب " بدلُ اشتمالٍ ، أو بدلُ كلٍ مِنْ كلٍ ، كأنه قيل : أُلْقِي إليَّ أنه من سليمانَ ، وأنه كذا وكذا . وهذا هو الأصحُّ . والثاني : أنه مرفوعٌ ب " كريمٌ " ذكره أبو البقاء ، وليس بالقويِّ . الثالث : أنه على إسقاطِ حرفِ العلةِ . قال الزمشخري : " ويجوز أَنْ تريدَ : لأنه مِنْ سليمانَ ، ولأنَّه ، كأنها عَلَّلَتْ كرمَه بكونِه من سليمان وتصديرَه باسم الله " .

قال مكي : " وأجاز الفراء الفتحَ فيهما في الكلامِ " كأنه لم يَطَّلِعْ على أنها قراءةٌ .

وقرأ أُبَيٌّ " أَنْ مِنْ سليمانَ ، وأنْ بسمِ اللهِ " بسكون النون فيهما . وفيها وجهان ، أظهُرهما : أنَها " أنْ " المفسرةُ ، لتقدُّم ما هو بمعنى القول . والثاني : أنَّها المخففةُ ، واسمُها محذوفٌ وهذا لا يَتَمَشَّى على أصول البصريين ؛ لأنَّ اسمَها لا يكونُ إلاَّ ضميرَ شأنٍ ، وضميرُ الشأنِ لا يُفَسَّر إلاَّ بجملةٍ مُصَرَّحٍ بُجُزْأَيْها .