قوله تعالى : { في جنات وعيون يلبسون من سندس وإستبرق متقابلين كذلك وزوجناهم } أي : كما أكرمناهم بما وصفنا من الجنات والعيون واللباس كذلك أكرمناهم بأن زوجناهم { بحور عين } أي : قرناهم بهن ، ليس من عقد التزويج ، لأنه لا يقال : زوجته بامرأة ، قال أبو عبيدة : جعلناهم أزواجاً لهن كما يزوج النعل بالنعل ، أي جعلناهم اثنين اثنين ، والحور : هن النساء النقيات البياض . قال مجاهد : يحار فيهن الطرف من بياضهن وصفاء لونهن . وقال أبو عبيدة : الحور : هن شديدات بياض الأعين الشديدات سوادها ، واحدها أحور ، والمرأة حوراء ، والعين جمع العيناء ، وهي عظيمة العينين .
وقوله : { كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ } أي : هذا العطاء مع ما قد منحناهم من الزوجات الحور العين الحسان اللاتي { لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ } [ الرحمن : 56 ، 74 ] { كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ } [ الرحمن : 58 ] { هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ إِلا الإحْسَانُ } [ الرحمن : 60 ] .
قال{[26283]} ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا نوح بن حبيب ، حدثنا نصر بن مزاحم العطار ، حدثنا عمر بن سعد ، عن رجل عن أنس - رفعه نوح - قال : لو أن حوراء بَزَقَت في بحر لُجِّي ، لعَذُبَ ذلك الماء لعذوبة ريقها {[26284]} .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{كذلك وزوجناهم بحور} يعني بيض الوجوه.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره: كما أعطينا هؤلاء المتقين في الآخرة من الكرامة بإدخالناهم الجنات، وإلباسناهم فيها السندس والإستبرق، كذلك أكرمناهم بأن زوّجناهم أيضا فيها حورا من النساء، وهن النقيات البياض، واحدتهنّ: حَوْراء...
فأما "العين "فإنها جمع عيناء، وهي العظيمة العينين من النساء.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
{عين} أي حِسان الأعين. وقال بعض أهل الأدب: الحَوَر في العين، هو شدة سوادها وبياض بياضها، والعيناء الحسنة العينين، فالجماعة على هيئة واحدة في هذا الباب في المذكر والمؤنث...
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
{كذلك} الكاف مرفوع على الأمر كذلك، أو منصوب على: مثل ذلك أثبناهم
{وزوجناهم} وقرأ عكرمة «بحور عين» على الإضافة: والمعنى: بالحور من العين؛ لأن العين إما أن تكون حوراً أو غير حور، فهؤلاء من الحور العين لا من شهلهن مثلاً.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
لما كان هذا أمراً يبهر العقل، فلا يكاد يتصوره، قال مؤكداً له: {كذلك} أي الأمر كما ذكرنا سواء لا مرية فيه.
ولما كان ذلك لا يتم السرور به إلا بالأزواج قال: {وزوجناهم} أي قرناهم كما تقرن الأزواج، وذكر مظهر العظمة تنبيهاً على كمال الشرف.
{بحور} أي على- حسب التوزيع بجواري بيض حسان نقيات الثياب.
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
{كذلك} اعتراض وقد تقدم بيان معناه عن قوله تعالى: {كذلك وقد أحطنا بما لديه خُبْراً} في سورة الكهف (91). وتقدم نظيره آنفاً في هذه السورة.
معنى {زوجناهم} جعلناهم أزواجاً جمع زوج ضد الفرد، أي جعلنا كل فرد من المتقين زوجاً بسبب نساءٍ حور العيون.
والزوج هنا كناية عن القرين، أي قرنَّا بكل واحد نساءً حوراً عيناً، وليس فعل {زوجناهم} هنا مشتقاً من الزوج الشائعِ إطلاقُه على امرأة الرجل وعلى رجل المرأة لأن ذلك الفعل يتعدى بنفسه يقال: زوجه ابنتَه وتزوج بنت فلان، قال تعالى: {زوَّجناكها} [الأحزاب: 37]، وليس ذلك بمراد هنا إذ لا طائل تحته، إذ ليس في الجنة عقود نكاح، وإنما المراد أنهم مأنوسون بصحبة حبائب من النساء كما أنسوا بصحبة الأصحاب والأحبة من الرجال استكمالاً لمتعارف الأنس بين الناس. وفي كلا الأنسين نعيم نفساني منجرّ للنفس من النعيم الجثماني، وَهذا معنًى ساممٍ من معاني الانبساط الروحي وإنما أفسد بعضه في الدّنيا ما يخالط بعضه من أحوال تجرّ إلى فساد منهي عنه مثل ارتكاب المحرم شرعاً ومثل الاعتداء على المرأة قسراً، ومن مصطلحات متكلفة، وقد سمى الله سكوناً فقال: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنُوا إليها وجعل بينكم مودةً ورحمةً} [الروم: 21].
والحور: جمع الحوراء، وهي البيضاء، أي بنساء بيضات الجلد.
والعِين: جمع العيناء، وهي واسعة العين، وتقدم في سورة الصافات. وشمل الحور العين النساء اللائي كُنَّ أزواجهن في الدنيا، ونساءً يخلقهن الله لأجل الجنة قال تعالى: {إنا أنشأناهن إنشاءً} [الواقعة: 35] وقال تعالى: {هم وأزواجهم في ظلالٍ} [يس: 56].
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.