مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{كَذَٰلِكَ وَزَوَّجۡنَٰهُم بِحُورٍ عِينٖ} (54)

والقسم الرابع : أزواجهم فقال : { كذلك وزوجناهم بحور عين } الكاف فيه وجهان أن تكون مرفوعة والتقدير الأمر كذلك أو منصوبة والتقدير آتيناهم مثل ذلك ، قال أبو عبيدة : جعلناهم أزواجا كما يزوج البعل بالبعل أي جعلناهم اثنين اثنين ، واختلفوا في أن هذا اللفظ هل يدل على حصول عقد التزويج أم لا ؟ ، قال يونس قوله { وزوجناهم بحور عين } أي قرناهم بهن فليس من عقد التزويج ، والعرب لا تقول تزوجت بها وإنما تقول تزوجتها ، قال الواحدي رحمه لله والتنزيل يدل على ما قال يونس وذلك قوله { فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها } ولو كان المراد تزوجت بها زوجناك بها وأيضا فقول القائل زوجته به معناه أنه كان فردا فزوجته بآخر كما يقال شفعته بآخر ، وأما الحور ، فقال الواحدي أصل الحور البياض والتحوير التبييض ، وقد ذكرنا ذلك في تفسير الحواريين ، وعين حوراء إذا اشتد بياض بياضها واشتد سواد سوادها ، ولا تسمى المرأة حوراء حتى يكون حور عينيها بياضا في لون الجسد ، والدليل على أن المراد بالحور في هذه الآية البيض قراءة ابن مسعود بعيس عين والعيس البيض ، وأما العين فجمع عيناء وهي التي تكون عظيمة العينين من النساء ، فقال الجبائي رجل أعين إذا كان ضخم العين واسعها والأنثى عيناء والجمع عين ، ثم اختلفوا في هؤلاء الحور العين ، فقال الحسن هن عجائزكم الدرد ينشئهن الله خلقا آخر ، وقال أبو هريرة إنهن ليسوا من نساء الدنيا .