معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَٰبَ مِنۢ بَعۡدِ مَآ أَهۡلَكۡنَا ٱلۡقُرُونَ ٱلۡأُولَىٰ بَصَآئِرَ لِلنَّاسِ وَهُدٗى وَرَحۡمَةٗ لَّعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ} (43)

قوله تعالى : { ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى } يعني : قوم نوح وعاد وثمود وغيرهم كانوا قبل موسى ، { بصائر للناس } يعني : ليبصروا بذلك الكتاب ويهتدوا به ، { وهدىً } من الضلال لمن عمل به ، { ورحمةً } لمن آمن به ، { لعلهم يتذكرون } بما فيه من المواعظ والبصائر .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَٰبَ مِنۢ بَعۡدِ مَآ أَهۡلَكۡنَا ٱلۡقُرُونَ ٱلۡأُولَىٰ بَصَآئِرَ لِلنَّاسِ وَهُدٗى وَرَحۡمَةٗ لَّعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ} (43)

يخبر تعالى عما أنعم به على عبده ورسوله موسى الكليم ، عليه من ربه الصلاة والتسليم ، من إنزال التوراة عليه بعدما أهلك فرعون وملأه .

وقوله : { مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الأولَى } يعني : أنه بعد إنزال التوراة لم يعذب أمة بعامة ، بل أمر المؤمنين أن يقاتلوا أعداء الله من المشركين ، كما قال : { وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ * فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً } [ الحاقة : 9 ، 10 ] .

وقال ابن جرير : حدثنا ابن بشار ، حدثنا محمد وعبد الوهاب قالا حدثنا عوف ، عن أبي نَضْرَة ، عن أبي سعيد الخُدْري قال : ما أهلك الله قومًا بعذاب من السماء ولا من الأرض بعدما أنزلت التوراة على وجه الأرض ، غير القرية التي مسخوا قردة ، ألم تر أن الله يقول : { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الأولَى }{[22326]} .

ورواه ابن أبي حاتم ، من حديث عوف بن أبي جَميلة{[22327]} الأعرابي ، بنحوه . وهكذا رواه أبو بكر البزار في مسنده ، عن عمرو بن علي الفلاس ، عن يحيى القَطَّان ، عن عوف ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد موقوفًا{[22328]} . ثم رواه عن نصر بن علي ، عن عبد الأعلى ، عن عوف ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد - رفعه{[22329]} إلى النبي صلى الله عليه وسلم - قال : " ما أهلكَ الله قوما بعذاب من السماء ولا من الأرض إلا قبل موسى " ، ثم قرأ : { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الأولَى } {[22330]} .

وقوله : { بَصَائِرَ لِلنَّاسِ } أي : من العمى والغي ، { وهدى } إلى الحق ، { ورحمة } أي : إرشادا إلى الأعمال الصالحة ، { لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } أي : لعل الناس يتذكرون به ، ويهتدون بسببه .


[22326]:- تفسير الطبري (20/50).
[22327]:- في أ : "حبلة".
[22328]:- مسند البزار برقم (2247) "كشف الأستار".
[22329]:- في ت : "مرفوعا".
[22330]:- مسند البزار برقم (2248) "كشف الأستار" وقال الهيثمي في المجمع (7/88) : "رواه البزار موقوفا ومرفوعا ورجالهما رجال الصحيح".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَٰبَ مِنۢ بَعۡدِ مَآ أَهۡلَكۡنَا ٱلۡقُرُونَ ٱلۡأُولَىٰ بَصَآئِرَ لِلنَّاسِ وَهُدٗى وَرَحۡمَةٗ لَّعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ} (43)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِن بَعْدِ ما أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الاُولَىَ بَصائِرَ لِلنّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لّعَلّهُمْ يَتَذَكّرُونَ } .

يقول تعالى ذكره : ولقد آتينا موسى التوراة من بعد ما أهلكنا الأمم التي كانت قبله ، كقوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط وأصحاب مَدين بَصَائِرَ للنّاسِ يقول : ضياء لبني إسرائيل فيما بهم إليه الحاجة من أمر دينهم وَهُدًى يقول : وبيانا لهم ورحمة لمن عمل به منهم لَعَلّهُمْ يَتَذّكّرُونَ يقول : ليتذكروا نِعْم الله بذلك عليهم ، فيشكروه عليها ولا يكفروا .

وبنحو الذي قلنا في معنى قوله : ( وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الكِتابَ مِنْ بَعْدِ ما أهْلَكْنا القُرُونَ الأُولى ) قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا محمد وعبد الوهاب ، قالا : حدثنا عوف ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد الخدريّ ، قال : ما أهلك الله قوما بعذاب من السماء ولا من الأرض بعد ما أنزلت التوراة على وجه الأرض غير القرية التي مسخوا قردة ، ألم تر أن الله يقول : ( وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الكِتابَ مِنْ بَعْدِ ما أهْلَكْنا القُرُونَ الأُولى بَصَائِرَ للنّاسِ وَهُدًى وَرَحمْةً لَعلّهُمْ يَتَذَكّرُونَ ) .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَٰبَ مِنۢ بَعۡدِ مَآ أَهۡلَكۡنَا ٱلۡقُرُونَ ٱلۡأُولَىٰ بَصَآئِرَ لِلنَّاسِ وَهُدٗى وَرَحۡمَةٗ لَّعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ} (43)

{ ولقد آتينا موسى الكتاب } التوراة . { من بعدما أهلكنا القرون الأولى } أقوام نوح وهود وصالح ولوط . { بصائر للناس } أنوارا لقلوبهم تتبصر بها الحقائق وتميز بين الحق والباطل . { وهدى } إلى الشرائع التي هي سبل الله تعالى . { ورحمة } لأنهم لو عملوا بها نالوا رحمة الله سبحانه تعالى . { لعلهم يتذكرون } ليكونوا على حال يرجى منهم التذكر ، وقد فسر بالإرادة وفيه ما عرفت .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَٰبَ مِنۢ بَعۡدِ مَآ أَهۡلَكۡنَا ٱلۡقُرُونَ ٱلۡأُولَىٰ بَصَآئِرَ لِلنَّاسِ وَهُدٗى وَرَحۡمَةٗ لَّعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ} (43)

وقوله تعالى : { من بعد ما أهلكنا القرون الأولى } إخبار بأنه أنزل التوراة على موسى بعد هلاك فرعون قومه وبعد هذه الأمم التي قد تقدم ذكرها من عاد وثمود وقرية قوم لوط وغيرها ، والقصد بهذا الإخبار التمثيل لقريش بما تقدم في غيرها من الأمم ، وقالت ، فرقة : إن الآية مضمنة أن إنزال التوراة على موسى هو بعد أن رفع الله تعالى عذاب الأمم فلم تعذب أمة بعد نزول التوراة إلا القرية التي مسخت قردة ، فيما روي ، وقوله { بصائر } نصب على الحال ، أي طرائق هادية ، وقوله تعالى : { لعلهم يتذكرون } أي على ترجى البشر وما يعطيه تأميل من أمل الأمر ، وروي عن أبي سعيد الخدري أنه قال : ما أهلك الله تعالى أمة بعذاب منذ أنزل إلى الأرض غير القرية التي مسخت قردة{[9151]} وهم الذي تعدوا في السبت ، وهذا التعذيب من سبب شرع موسى فكأنه لا ينقص فضيلة التوراة برفع العذاب عن الأرض .


[9151]:أخرجه البزار، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن أبي سعيد موقوفا، وأخرج البزار، وابن المنذر، والحاكم وصححه، وابن مردويه – عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه- من وجه آخر- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما أهلك الله قوما ولا قرنا ولا أمة ولا أهل قرية بعذاب من الماء منذ أنزل التوراة على وجه الأرض غير القرية التي مسخت قردة، ألم تر إلى قوله تعالى: {ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى}. (الدر المنثور).