التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَٰبَ مِنۢ بَعۡدِ مَآ أَهۡلَكۡنَا ٱلۡقُرُونَ ٱلۡأُولَىٰ بَصَآئِرَ لِلنَّاسِ وَهُدٗى وَرَحۡمَةٗ لَّعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ} (43)

قوله تعالى : { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِن بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } المراد بالكتاب التوراة ؛ فقد أنزلها الله على نبيه وكليمه موسى عليه الصلاة والسلام . فكانت التوراة أول كتاب فُصّلت فيه الأحكام من بعد إهلاك الأمم السابقة وهم أقوام نوح وهود وصالح ولوط عليهم الصلاة والسلام . ولقد أنزل الله التوراة { بَصَائِرَ لِلنَّاسِ } { بَصَائِرَ } ، مفعول لأجله . أو حال{[3506]} و { بصائر } جمع بصيرة ، وهي نور القلب الذي يُبصَر به الهدى والحق ، كما أن البصر نور العين الذي يُبصَرُ به الأجسام .

والمعنى : أن الله أتى نبيه موسى التوراة لتكون أنوارا للقلوب ؛ إذ كانت عُميا لا تبصر ولا تميز بين حق وباطل . بل كانت تائهة في ظلمة الباطل ، سادرة في الغي والضلال . وكذلك أنزلها الله عليه { هدى ورحمة } فهي تهدي الناس إلى الصواب وتسلكهم سبيل الهداية والرشاد .

وهي كذلك رحمة لمن التزمها واستمسك بها وعمل بأحكامها ؛ فإنه يحظى بالرحمة من الله ، والفوز بالسعادة في الدارين { لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } أي لكي يتعظوا ويعتبروا .


[3506]:الدر المصون ج 8 ص 680