معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{كَذَٰلِكَ وَزَوَّجۡنَٰهُم بِحُورٍ عِينٖ} (54)

قوله تعالى : { في جنات وعيون يلبسون من سندس وإستبرق متقابلين كذلك وزوجناهم } أي : كما أكرمناهم بما وصفنا من الجنات والعيون واللباس كذلك أكرمناهم بأن زوجناهم { بحور عين } أي : قرناهم بهن ، ليس من عقد التزويج ، لأنه لا يقال : زوجته بامرأة ، قال أبو عبيدة : جعلناهم أزواجاً لهن كما يزوج النعل بالنعل ، أي جعلناهم اثنين اثنين ، والحور : هن النساء النقيات البياض . قال مجاهد : يحار فيهن الطرف من بياضهن وصفاء لونهن . وقال أبو عبيدة : الحور : هن شديدات بياض الأعين الشديدات سوادها ، واحدها أحور ، والمرأة حوراء ، والعين جمع العيناء ، وهي عظيمة العينين .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{كَذَٰلِكَ وَزَوَّجۡنَٰهُم بِحُورٍ عِينٖ} (54)

وقوله : { كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ } أي : هذا العطاء مع ما قد منحناهم من الزوجات الحور العين الحسان اللاتي { لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ } [ الرحمن : 56 ، 74 ] { كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ } [ الرحمن : 58 ] { هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ إِلا الإحْسَانُ } [ الرحمن : 60 ] .

قال{[26283]} ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا نوح بن حبيب ، حدثنا نصر بن مزاحم العطار ، حدثنا عمر بن سعد ، عن رجل عن أنس - رفعه نوح - قال : لو أن حوراء بَزَقَت في بحر لُجِّي ، لعَذُبَ ذلك الماء لعذوبة ريقها {[26284]} .


[26283]:- (5) في ت: "وروى".
[26284]:- (6) ورواه أبو نعيم في صفة الجنة برقم (386) من وجه آخر، فرواه من طريق محمد بن إسماعيل الحساني، عن منصور الواسطي، عن أبي النصر الأبار، عن أنس مرفوعا بنحوه.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{كَذَٰلِكَ وَزَوَّجۡنَٰهُم بِحُورٍ عِينٖ} (54)

القول في تأويل قوله تعالى : { كَذَلِكَ وَزَوّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ * يَدْعُونَ فِيهَا بِكلّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ * لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاّ الْمَوْتَةَ الاُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * فَضْلاً مّن رّبّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } .

يقول تعالى ذكره : كما أعطينا هؤلاء المتقين في الاخرة من الكرامة بإدخالناهم الجنات ، وإلباسناهم فيها السندس والإستبرق ، كذلك أكرمناهم بأن زوّجناهم أيضا فيها حورا من النساء ، وهن النقيات البياض ، واحدتهنّ : حَوْراء . وكان مجاهد يقول في معنى الحُور ، ما :

حدثني به محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : وزَوّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ قال : أنكحناهم حورا . قال : والحُور : اللاتي يحار فيهنّ الطرف بادٍ مُخّ سوقهنّ من وراء ثيابهنّ ، ويرى الناظر وجهه في كبد إحداهنّ كالمرآة من رقة الجلد ، وصفاء اللون ، وهذا الذي قاله مجاهد من أن الحور إنما معناها : أنه يحار فيها الطرف ، قول لا معنى له في كلام العرب ، لأن الحُور إنما هو جمع حوراء ، كالحمر جمع حمراء ، والسود : جمع سوداء ، والحوراء إنما هي فعلاء من الحور وهو نقاء البياض ، كما قيل للنقيّ البياض من الطعام الحُوّاري . وقد بيّنا معنى ذلك بشواهده فيما مضى قبل . وبنحو الذي قلنا في معنى ذلك قال سائر أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : كَذَلكَ وَزَوّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ قال : بيضاء عيناء ، قال : وفي قراءة ابن مسعود «بعِيسٍ عِينٍ » .

حدثنا بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : بِحُورٍ عِينٍ قال : بيض عين ، قال : وفي حرف ابن مسعود «بعِيسٍ عِينٍ » . وقرأ ابن مسعود هذه ، يعني أن معنى الحور غير الذي ذهب إليه مجاهد ، لأن العيس عند العرب جمع عيساء ، وهي البيضاء من الإبل ، كما قال الأعشي :

وَمَهْمَةً نازِحٍ تَعْوِي الذّئابُ بِهِ *** كَلّفْتُ أَعْيَسَ تَحْتَ الرّحْلِ نَعّابا

يعني بالأعيس : جملاً أبيض . فأما العين فإنها جمع عيناء ، وهي العظيمة العينين من النساء .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{كَذَٰلِكَ وَزَوَّجۡنَٰهُم بِحُورٍ عِينٖ} (54)

{ كذلك } الأمر كذلك أو آتيناهم مثل ذلك { وزوجناهم بحور عين } قرناهم بهن ولذلك عدي بالباء ، والحوراء البيضاء والعيناء عظيمة العينين ، واختلف في أنهن نساء الدنيا أو غيرها .