معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{كَلَّآۖ إِنَّهَا لَظَىٰ} (15)

{ كلا } لا ينجيه من عذاب الله شيء ، ثم ابتدأ فقال : { إنها لظى } وهي اسم من أسماء جهنم . قيل : هي الدركة الثانية ، سميت بذلك لأنها تتلظى ، أي : تتلهب .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{كَلَّآۖ إِنَّهَا لَظَىٰ} (15)

وبينما المجرم في هذه الحال ، يتمنى ذلك المحال ، يسمع ما ييئس ويقنط من كل بارقة من أمل ، أو كل حديث خادع من النفس . كما يسمع الملأ جميعا حقيقة الموقف وما يجري فيه :

كلا ! إنها لظى . نزاعة للشوى . تدعو من أدبر وتولى وجمع فأوعى . .

إنه مشهد تطير له النفس شعاعا ، بعد ما أذهلها كرب الموقف وهوله . . ( كلا ! )في ردع عن تلك الأماني المستحيلة في الافتداء بالبنين والزوج والأخ والعشيرة ومن في الأرض جميعا . . ( كلا ! إنها لظى )نار تتلظى وتتحرق( نزاعة للشوى )تنزع الجلود عن الوجوه والرؤوس نزعا . . وهي غول مفزعة . ذات نفس حية تشارك في الهول والعذاب عن إرادة وقصد : تدعوا من أدبر وتولى وجمع فأوعى . . تدعوه كما كان يدعى من قبل إلى الهدى فيدبر ويتولى . ولكنه اليوم إذ تدعوه جهنم لا يملك أن يدبر ويتولى ! ولقد كان من قبل مشغولا عن الدعوة بجمع المال وحفظه في الأوعية ! فأما اليوم فالدعوة من جهنم لا يملك أن يلهو عنها . ولا يملك أن يفتدي بما في الأرض كله منها !

والتوكيد في هذه السورة والسورة السابقة قبلها وفي سورة القلم كذلك على منع الخير ، وعدم الحض على طعام المسكين ، وجمع المال في الأوعية إلى جانب الكفر والتكذيب والمعصية . . هذا التوكيد يدل على أن الدعوة كانت تواجه في مكة حالات خاصة يجتمع فيها البخل والحرص والجشع إلى الكفر والتكذيب والضلالة . مما اقتضى تكرار الإشارة إلى هذا الأمر ، والتخويف من عاقبته ، بوصفه من موجبات العذاب بعد الكفر والشرك بالله .

وفي هذه السورة إشارات أخرى تفيد هذا المعنى ، وتؤكد ملامح البيئة المكية التي كانت تواجهها الدعوة . فقد كانت بيئة مشغولة بجمع المال من التجارة ومن الربا . وكان كبراء قريش هم أصحاب هذه المتاجر ، وأصحاب القوافل في رحلتي الشتاء والصيف . وكان هنالك تكالب على الثراء ، وشح النفوس يجعل الفقراء محرومون ، واليتامى مضيعين . ومن ثم تكرر الأمر في هذا الشأن وتكرر التحذير . وظل القرآن يعالج هذا الجشع وهذا الحرص ؛ ويخوض هذه المعركة مع الجشع والحرص في أغوار النفس ودروبها قبل الفتح وبعده على السواء . مما هو ظاهر لمن يتتبع التحذير من الربا ، ومن أكل أموال الناس بالباطل ، ومن أكل أموال اليتامى إسرافا وبدارا أن يكبروا ! ومن الجور على اليتيمات واحتجازهن للزواج الجائر رغبة في أموالهن ! ومن نهر السائل ، وقهر اليتيم ، ومن حرمان المساكين . . . إلى آخر هذه الحملات المتتابعة العنيفة الدالة على الكثير من ملامح البيئة . فضلا على أنها توجيهات دائمة لعلاج النفس الإنسانية في كل بيئة . وحب المال ، والحرص عليه ، وشح النفس به ، والرغبة في احتجانه ، آفة تساور النفوس مساورة عنيفة ، وتحتاج للانطلاق من إسارها والتخلص من أوهاقها ، والتحرر من ربقتها ، إلى معارك متلاحقة ، وإلى علاج طويل !

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{كَلَّآۖ إِنَّهَا لَظَىٰ} (15)

كلا ردع للمجرم عن الودادة ودلالة على أن الافتداء لا ينجيه إنها الضمير للنار أو مبهم يفسره لظى وهو خبر أو بدل أو للقصة و لظى مبتدأ خبره .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{كَلَّآۖ إِنَّهَا لَظَىٰ} (15)

وقوله تعالى : { كلا إنها لظى } رد لقولهم وما وُّدوه أي ليس الأمر كذلك ، ثم ابتدأ الإخبار عن { لظى } وهي طبقة من طبقات جهنم ، وفي هذا اللفظ تعظيم لأمرها وهولها . وقرأ السبعة والحسن وأبو جعفر والناس : «نزاعةٌ » بالرفع ، وقرأ حفص عن عاصم : «نزاعةً » بالنصب ، فالرفع على أن تكون { لظى } بدلاً من الضمير المنصوب ، «ونزاعةُ » خبر «إن » أو على إضمار مبتدأ ، أي هي نزاعة او على أن يكون الضمير في { إنها } للقصة ، و { لظى } ابتداء و «نزاعةٌ » خبره ، أو على أن تكون { لظى } خبر و «نزاعةٌ » بدل من { لظى } ، أو على أن تكون { لظى } خبراً و «نزاعةٌ » خبراً بعد خبر . وقال الزجاج : «نزاعةٌ » ، رفع بمعنى المدح .

قال القاضي أبو محمد : وهذا هو القول بأنها خبر ابتداء تقديره هي نزاعة ، لأنه إذا تضمن الكلام معنى المدح أو الذم جاز لك القطع رفعاً بإضمار مبتدأ أو نصباً بإضمار فعل . ومن قرأ بالنصب فذلك إما على مدح { لظى } كما قلنا ، وإما على الحال من { لظى } لما فيها من معنى التلظي ، كأنه قال : كلا إنها النار التي تتلظى نزاعةً ، قال الزجاج : فهي حال مؤكدة .