معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَأَنَّكَ لَا تَظۡمَؤُاْ فِيهَا وَلَا تَضۡحَىٰ} (119)

قوله تعالى : { وأنك } قرأ نافع وأبو بكر : بكسر الألف على الاستئناف ، وقرأ الآخرون بالفتح نسقاً على قوله : ألا تجوع فيها { لا تظمأ } لا تعطش { فيها ولا تضحى } يعني : لا تبرز للشمس فيؤذيك حرها . وقال عكرمة : لا تصيبك الشمس وأذاها ، لأنه ليس في الجنة شمس ، وأهلها في ظل ممدود .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَأَنَّكَ لَا تَظۡمَؤُاْ فِيهَا وَلَا تَضۡحَىٰ} (119)

99

( إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى .

وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى ) . . فهذا كله مضمون لك ما دمت في رحابها ، والجوع والعري ، يتقابلان مع الظمأ والضحوة . وهي في مجموعها تمثل متاعب الإنسان الأولى في الحصول على الطعام والكساء ، والشراب والظلال .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَأَنَّكَ لَا تَظۡمَؤُاْ فِيهَا وَلَا تَضۡحَىٰ} (119)

{ وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى } وهذان أيضًا متقابلان ، فالظمأ : حر الباطن ، وهو العطش . والضحى : حر الظاهر .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَأَنَّكَ لَا تَظۡمَؤُاْ فِيهَا وَلَا تَضۡحَىٰ} (119)

وقرأ نافع وعاصم في رواية أبي بكر «وإنك لا تظمأ » بكسر الألف ، وقرأ الباقون وحفص عن عاصم «وأنك » بفتح الألف .

وجعل الله تعالى الجوع في هذه الآية مع العري والظمأ مع الضحاء وكأن عرف الكلام أن يكون الجوع مع الظمأ المتناسب والعري مع الضحاء لأنها تتضاد إذ العري يمس بسببه البرد والحر يفعل ذلك بالضاحي ، وهذه الطريقة مهيع في كلام العرب أن تفرق النسب ومنه قول امرئ القيس : [ الطويل ]

كأني لم أركب جواداً للذة . . . ولم أتبطّن كاعباً ذات خلخال

ولم أسبأ الزقَّ الروي ولم أقل . . . لخيلي كري كرة بعد إقفال{[8170]}

وقد ذهب بعض الأدباء إلى أن بيتي امرئ القيس حافظة لنسب وأن ركوب الخيل للصيد وغيره من الملاذ يناسب تبطن الكاعب ، ومن الضحاء قول الشاعر : [ الطويل ]

رأت رجلاً أما إذا الشمس عارضت . . . فيضحي وأما بالعشيِّ فيخصر{[8171]}


[8170]:البيتان من لاميته المعروفة: (ألا انعم صباحا أيها الطلل البالي)، وتعتبر من أفضل شعره بعد المعلقة، وهي قصيدة وجدانية يصور فيها الشاعر مجونه وتصابيه وصيده وقنصه وسعيه إلى المجد وعشقه للنساء، والتبطن: المباشرة والملامسة، والكاعب هي الفتاة التي برز ثديها، والخلخال: حلية معروفة تلبسها المرأة في رجلها، والزق: وعاء الخمر، وسبأ الزق: اشترى = الخمر يشربها، والروي: الممتلئ، والكر: العودة للهجوم، والإجفال: الفزع والهروب في الحرب. قالوا: وقد جعل امرؤ القيس ركوب الخيل للصيد واللذة مع مباشرة الكاعب ذات الخلخال، وجعل شراء الخمر وشربها مع الفروسية وركوب الخيل للهجوم في الحرب، وكان عرف الكلام أن يجمع بين ركوب الخيل للصيد واللذة وركوبها للفروسية والهجوم في الحرب، وأن يجمع بين شرب الخمر ومباشرة الكاعب الحسناء، لكن مهيع الكلام كما يقول ابن عطية أن تفرق العرب النسب، وألا تجمع بين الأشياء المتناسبة، وبعض الأدباء قالوا: إن هناك تناسبا في بيتي امرئ القيس، حيث قرن لذة ركوب الخيل بلذة ركوب النساء في البيت الأول، وهكذا تختلف آراء النقاد في العمل الفني من حيث التناسب والتضاد.
[8171]:البيت لعمر بن أبي ربيعة، وهو في الديوان، وفي اللسان (ضحا) غير منسوب، وهو من قصيدته التي يقول في مطلعها: أمن آل نعم أت غاد فمبكر غداة غد أم رائح فمهجر؟ ومعنى يضحى: يصيبه حر الشمس، نقل ذلك في اللسان عن الأزهري، واستشهد بهذا البيت، وفيه: "ويقال لكل من كان بارزا في غير ما يظله ويكنه: إنه لضاح، ويخصر هو من الخصر بالتحريك، وهو البرد يجده الإنسان في أطرافه.