فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَأَنَّكَ لَا تَظۡمَؤُاْ فِيهَا وَلَا تَضۡحَىٰ} (119)

وهكذا قوله : { وَأَنَّكَ لاَ تَظْمأ فِيهَا وَلاَ تضحى } فإن نفي الظمأ يستلزم حصول الريّ ووجود المسكن الذي يدفع عنه مشقة الضحو ، يقال : ضحي الرجل يضحى ضحواً : إذا برز للشمس فأصابه حرّها ، فذكر سبحانه ها هنا أنه قد كفاه الاشتغال بأمر المعاش وتعب الكدّ في تحصيله ، ولا ريب أن أصول المتاعب في الدنيا هي تحصيل الشبع والريّ والكسوة والكنّ ، وما عدا هذه ففضلات يمكن البقاء بدونها ، وهو إعلام من الله سبحانه لآدم أنه إن أطاعه فله في الجنة هذا كله ، وإن ضيع وصيته ولم يحفظ عهده أخرجه من الجنة إلى الدنيا فيحلّ به التعب والنصب بما يدفع الجوع والعري والظمأ والضحو . فالمراد بالشقاء شقاء الدنيا ، كما قاله كثير من المفسرين ، لا شقاء الأخرى . قال الفراء : هو أن يأكل من كدّ يديه ، وقرأ أبو عمرو والكوفيون إلا عاصماً : «وأنك لا تظمأ » بفتح أن ، وقرأ الباقون بكسرها على العطف على إن لك .

/خ122