رأت رجلاً أيما إذا الشمس عارضت***فيضحي وأما بالعشي فيحضر
وقرأ شيبة ونافع وحفص وابن سعدان { وإنك لا تظمأ } بكسر همزة وإنك .
وقرأ الجمهور بفتحها فالكسر عطف على أن لك ، والفتح عطف على المصدر المنسبك من أن لا تجوع ، أي أن لك انتفاء جوعك وانتفاء ظمئك ، وجاز عطف { أنك } على أن لاشتراكهما في المصدر ، ولو باشرتها إن المكسورة لم يجز ذلك وإن كان على تقديرها ألا ترى أنها معطوفة على اسم إن ، وهو أن لا تجوع لكنه يجوز في العطف ما لا يجوز في المباشرة ، ولما كان الشبع والري والكسوة والسكن هي الأمور التي هي ضرورية للإنسان اقتصر عليها لكونها كافية له .
وفي الجنة ضروب من أنواع النعيم والراحة ما هذه بالنسبة إليها كالعدم فمنها الأمن من الموت الذي هو مكدر لكل لذة ، والنظر إلى وجه الله سبحانه ورضاه تعالى عن أهلها ، وأن لا سقم ولا حزن ولا ألم ولا كبر ولا هرم ولا غل ولا غضب ولا حدث ولا مقاذير ولا تكليف ولا حزن ولا خوف ولا ملل ، وذكرت هذه الأربعة بلفظ النفي لإثبات أضدادها وهو الشبع والري والكسوة والسكن ، وكانت نقائضها بلفظ النفي وهو الجوع والعُري والظمأ والضحو ليطرق سمعه بأسامي أصناف الشقوة التي حذره منها حتى يتحامى السبب الموقع فيها كراهة لها .
قال ابن عطية : وكان عرف الكلام أن يكون الجوع مع الظمأ والعُري مع الضحاء لأنها تتضاد إذ العُري نفسه البرد فيؤذي والحر يفعل ذلك بالضاحي ، وهذه الطريقة مهيع في كلام العرب أن يقرن النسب .
كأني لم أركب جواداً للذة *** ولم أتبطن كاعباً ذات خلخال
ولم أسبأ الرق الروي ولم أقل *** لخيلي كري كرة بعد إجفال
وقد ذهب بعض الأدباء إلى أن بيتي امرئ القيس كافطاني للنسب ، وأن ركوب الخيل للصيد وغيره من الملاذ يناسب تبطن الكاعب انتهى .
وقيل : هذا الجواب على قدر السؤال لما أمر الله آدم بسكنى الجنة قال : إلهي ألي فيها ما آكل ؟ ألي فيها ما ألبس ؟ ألي فيها ما أشرب ؟ ألي فيها ما أستظل به ؟ وقيل : هي مقابلة معنوية ، فالجوع خلو الباطن ، والتعري خلو الظاهر ، والظمأ إحراق الباطن ، والضحو إحراق الظاهر فقابل الخلو بالخلو والإحراق بالإحراق .
وقيل : جمع امرؤ القيس في بيتيه بين ركوب الخيل للذة والنزهة ، وبين تبطن الكاعب للذة الحاصلة فيهما ، وجمع بين سباء الرق وبين قوله لخيله كري لما فيهما من الشجاعة ولما عيب على أبي الطيب قوله :
وقفت وما في الموت شك لواقف *** كأنك في جفن الردى وهو نائم
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.