معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قَالُواْ يَـٰٓأَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأۡمَ۬نَّا عَلَىٰ يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُۥ لَنَٰصِحُونَ} (11)

قوله تعالى : { قالوا } ، ليعقوب ، { يا أبانا ما لك لا تأمنا على يوسف } ، قرأ أبو جعفر : { تأمنا } بلا إشمام ، وهو رواية عن نافع ، وقرأ الباقون : { تأمنا } بإشمام الضمة في النون الأولى المدغمة ، وهو إشارة إلى الضمة ، من غير إمحاض ، ليعلم أن أصله : لا تأمننا بنونين على تفعلنا ، فأدغمت النون الأولى في الثانية ، بدؤوا بالإنكار عليه في ترك إرساله معهم كأنهم قالوا : إنك لا ترسله معنا أتخافنا عليه ؟ . { وإنا له لناصحون } ، قال مقاتل : في الكلام تقديم وتأخير ، وذلك أنهم قالوا لأبيهم : { أرسله معنا } فقال أبوهم : { إني ليحزنني أن تذهبوا به فحينئذ قالوا : { ما لك لا تأمنا على يوسف وإنا له لناصحون } ، النصح هاهنا هو : القيام بالمصلحة ، وقيل : البر والعطف ، معناه : إنا عاطفون عليه ، قائمون بمصلحته ، نحفظه حتى نرده إليك .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالُواْ يَـٰٓأَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأۡمَ۬نَّا عَلَىٰ يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُۥ لَنَٰصِحُونَ} (11)

فها هم أولاء عند أبيهم ، يراودونه في اصطحاب يوسف معهم منذ الغداة . وها هم أولاء يخادعون أباهم ، ويمكرون به وبيوسف . فلنشهد ولنستمع لما يدور :

( قالوا : يا أبانا ، مالك لا تأمنا على يوسف ، وإنا له لناصحون . أرسله معنا غدا يرتع ويلعب ، وإنا له لحافظون ! قال : إني ليحزنني أن تذهبوا به ، وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون . قالوا : لئن أكله الذئب ونحن عصبة إنا إذن لخاسرون ) . .

والتعبير يرسم بكلماته وعباراته كل ما بذلوه ليتدسسوا به إلى قلب الوالد المتعلق بولده الصغير الحبيب ، الذي يتوسم فيه أن يكون الوارث لبركات أبيه إبراهيم . .

( يا أبانا ) . .

بهذا اللفظ الموحي المذكر بما بينه وبينهم من آصرة .

مالك لا تأمنا على يوسف ؟ . .

سؤال فيه عتب وفيه استنكار خفي ، وفيه استجاشة لنفي مدلوله من أبيهم ، والتسليم لهم بعكسه وهو تسليمهم يوسف . فهو كان يستبقي يوسف معه ولا يرسله مع إخوته إلى المراعي والجهات الخلوية التي يرتادونها لأنه يحبه ويخشى عليه ألا يحتمل الجو والجهد الذي يحتملونه وهم كبار ، لا لأنه لا يأمنهم عليه . فمبادرتهم له بأنه لا يأتمنهم على أخيهم وهو أبوهم ، مقصود بها استجاشته لنفي هذا الخاطر ؛ ومن ثم يفقد إصراره على احتجاز يوسف . فهي مبادرة ماكرة منهم خبيثة !

مالك لا تأمنا على يوسف ؟ وإنا له لناصحون . .

قلوبنا له صافية لا يخالطها سوء - وكاد المريب أن يقول خذوني - فذكر النصح هنا وهو الصفاء والإخلاص يشي بما كانوا يحاولون إخفاءه من الدغل المريب . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قَالُواْ يَـٰٓأَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأۡمَ۬نَّا عَلَىٰ يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُۥ لَنَٰصِحُونَ} (11)

لما تواطئوا على أخذه وطَرْحه في البئر ، كما أشار عليهم أخوهم الكبير رُوبيل ، جاءوا أباهم يعقوب ، عليه السلام ، فقالوا : { يَا أَبَانَا مَا لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ } وهذه توطئة وسلف ودعوى ، وهم يريدون خلاف ذلك ؛ لما له في قلوبهم من الحسد لحب أبيه له ،

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قَالُواْ يَـٰٓأَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأۡمَ۬نَّا عَلَىٰ يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُۥ لَنَٰصِحُونَ} (11)

القول في تأويل قوله تعالى : { قَالُواْ يَأَبَانَا مَا لَكَ لاَ تَأْمَنّا عَلَىَ يُوسُفَ وَإِنّا لَهُ لَنَاصِحُونَ } .

يقول تعالى ذكره : قال إخوة يوسف إذ تآمروا بينهم ، وأجمعوا على الفرقة بينه وبين والده يعقوب لوالدهم يعقوب : { يا أبانا ما لَكَ لاَ تأْمَنّا على يوسُفَ } ، فتتركه معنا إذا نحن خرجنا خارج المدينة إلى الصحراء ، { ونَحْنَ لَهُ ناصحُونَ } : نحوطه ، ونكلؤه .