قوله تعالى : { لاَ تَأْمَنَّا } : حالٌ وتقدَّم نظيرُه . وقرأ العامَّة " تأمَنَّا " بالإِخفاء ، وهو عبارةٌ عن تضعيفِ الصوت بالحركة والفصل بين النونين ، لا أنَّ النونَ تُسَكَّن رَأْساً ، فيكون ذلك إخفاءً لا إدغاماً . قال الداني : " وهو قولُ عامَّةِ أئمَّتنا وهو الصوابُ لتأكيد دلالته وصحته في القياس " .
وقرأ بعضُهم ذلك بالإِشمام ، وهو عبارةٌ عن ضمِّ الشفتين إشارةً إلى حركة الفعل مع الإِدغامِ الصريح كما يشير إليها الواقف ، وفيه عُسْرٌ كبير قالوا : وتكون الإِشارة إلى الضمة بعد الإِدغام أو قبل كمالِه ، والإِشمامُ يقع بإزاء معانٍ هذا مِنْ جُمْلتها ، ومنها إشراب الكسرةِ شيئاً مِن الضم نحو :
{ قِيلَ } [ البقرة : 11 ] و { وَغِيضَ } [ هود : 44 ] وبابه ، وقد تقدم أولَ البقرة . ومنها إشمامُ أحدِ حرفين شيئاً من الآخر كإشمام الصاد زاياً في
{ الصّرَاطَ } [ الفاتحة : 5 ] : { وَمَنْ أَصْدَقُ } [ النساء : 78 ] وبابهما ، وقد تقدم ذلك أيضاً في الفاتحة والنساء . فهذا خَلْطُ حرفٍ بحرف ، كما أنَّ ما قبله خَلْطُ حركة بحركة . ومنها الإِشارةُ إلى الضمة في الوقفِ خاصةً ، وإنما يراه البصير دونَ الأعمى .
وقرأ أبو جعفر بالإِدغامِ الصريح من غير إشمامٍ . وقرأ الحسن ذلك بالإِظهار مبالغةً في بيان إِعراب الفعل وللمحافظة على حركة الإِعراب . اتفق الجمهورُ على الإِخفاء أو الإِشمام كما تقدم تحقيقه .
وقرأ ابن هرمز " لا تَأْمُنَّا " بضم الميم ، نَقَل حركةَ النون الأولى عند إرادةِ إدغامها بعد سَلْب الميمِ حركَتها ، وخطُّ المصحف بنون واحدة ، ففي قراءة الحسن مخالفة لها .
وقرأ أبو رزين وابن وثاب " لا تِيْمَنَّا " بكسر حرف المضارعة ، إلا أنَّ ابنَ وثَّابٍ سَهَّل الهمزةَ . قال الشيخ : " ومجيئُه بعد " مالك " والمعنى يُرْشد إلى أنه نَفْيٌ لا نَهْيٌ وليس كقولهم " ما أَحْسَنَنا " في التعجب ؛ لأنه لو أدغم لالتبسَ بالنفي " . قلت : وما أبعد هذا عن تَوَهُّم النهي حتى يَنُصَّ عليه . وقوله " لالتبس بالنفي " صحيح .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.