معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قُلۡ مَن يَكۡلَؤُكُم بِٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ مِنَ ٱلرَّحۡمَٰنِۚ بَلۡ هُمۡ عَن ذِكۡرِ رَبِّهِم مُّعۡرِضُونَ} (42)

قوله تعالى : { قل من يكلؤكم } يحفظكم { بالليل والنهار من الرحمن } إن أنزل بكم عذابه ، وقال ابن عباس : من يمنعكم من عذاب الرحمن ، { بل هم عن ذكر ربهم } عن القرآن ومواعظ الله . { معرضون* } .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قُلۡ مَن يَكۡلَؤُكُم بِٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ مِنَ ٱلرَّحۡمَٰنِۚ بَلۡ هُمۡ عَن ذِكۡرِ رَبِّهِم مُّعۡرِضُونَ} (42)

36

أم إن لهم من يرعاهم بالليل والنهار غير الرحمن ، ويمنعهم من العذاب في الدنيا أو الآخرة من دون الله ?

( قل : من يكلؤكم بالليل والنهار من الرحمن ? بل هم عن ذكر ربهم معرضون . أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا ? لا يستطيعون نصر أنفسهم ، ولا هم منا يصحبون ) .

إن الله هو الحارس على كل نفس بالليل والنهار . وصفته هي الرحمة الكبرى ، وليس من دونه راع ولا حام . فاسألهم : هل لهم حارس سواه ?

وهو سؤال للإنكار ، وللتوبيخ على غفلتهم عن ذكر الله ، وهو الذي يكلؤهم بالليل والنهار ، ولا راعي لهم سواه : ( بل هم عن ذكر ربهم معرضون ) .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قُلۡ مَن يَكۡلَؤُكُم بِٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ مِنَ ٱلرَّحۡمَٰنِۚ بَلۡ هُمۡ عَن ذِكۡرِ رَبِّهِم مُّعۡرِضُونَ} (42)

القول في تأويل قوله تعالى : { قُلْ مَن يَكْلَؤُكُم بِالْلّيْلِ وَالنّهَارِ مِنَ الرّحْمََنِ بَلْ هُمْ عَن ذِكْرِ رَبّهِمْ مّعْرِضُونَ } .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد لهؤلاء المستعجليك بالعذاب ، القائلين : متى هذا الوعد إن كنتم صادقين : مَنْ يَكْلَؤُكُمْ أيّها القَوْمُ ، يقول : من يحفظكم ويحرسكم بالليل إذا نمتم ، وبالنهار إذا تصرّفتم من الرحمن ؟ يقول : من أمر الرحمن إن نزل بكم ، ومن عذابه إن حلّ بكم . وترك ذكر «الأمر » وقيل «من الرحمن » اجتزاء بمعرفة السامعين لمعناه من ذكره .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال : قال ابن عباس ، في قوله : قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ باللّيْلِ والنّهارِ مِنَ الرّحْمَنِ قال : يحرسكم .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ باللّيْلِ والنّهارِ مِنَ الرّحْمَنِ قل من يحفظكم بالليل والنهار من الرحمن .

يقال منه : كلأت القوم : إذا حرستهم ، أكلؤهم كما قال ابن هَرْمة :

إنّ سُلَيْمَى وَاللّهُ يَكْلَؤُها *** ضَنّتْ بِشَيْءٍ ما كانَ يَرْزَؤُها

قوله : بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبّهِمْ مُعْرِضُونَ وقوله بل : تحقيق لجحد قد عرفه المخاطبون بهذا الكلام ، وإن لم يكن مذكورا في هذا الموضع ظاهرا . ومعنى الكلام : وما لهم أن لا يعلموا أنه لا كالىء لهم من أمر الله إذا هو حلّ بهم ليلاً أو نهارا ، بل هم عن ذكر مواعظ ربهم وحججه التي احتجّ بها عليهم معرضون لا يتدبرون ذلك فلا يعتبرون به ، جهلاً منهم وسفها .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قُلۡ مَن يَكۡلَؤُكُم بِٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ مِنَ ٱلرَّحۡمَٰنِۚ بَلۡ هُمۡ عَن ذِكۡرِ رَبِّهِم مُّعۡرِضُونَ} (42)

{ قل } يا محمد للمستهزئين . من{ يكلؤكم } يحفظكم . { بالليل والنهار من الرحمن } من بأسه إن أراد بكم ، وفي لفظ { الرحمن } تنبيه على أن لا كالىء غير رحمته العامة وأن اندفاعه بمهلته { بل هم عن ذكر ربهم معرضون } لا يخطرونه ببالهم فضلا أن يخافوا بأسه حتى إذا كلؤوا منه عرفوا الكالىء وصلحوا للسؤال عنه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قُلۡ مَن يَكۡلَؤُكُم بِٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ مِنَ ٱلرَّحۡمَٰنِۚ بَلۡ هُمۡ عَن ذِكۡرِ رَبِّهِم مُّعۡرِضُونَ} (42)

المعنى { قل } يا محمد لهؤلاء الكفرة المستهزئين بك وبما جئت به الكافرين بذكر الرحمن الجاهلين به قل لهم على جهة التوبيخ والتقريع من يحفظكم ، و «كلأ » معناه حفظ ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم لبلال «اكلأ لنا الفجر »{[8229]} وفي آخر الكلام تقدير محذوف كأنه قال ليس لهم مانع ولا كالئ وعلى هذا النفي{[8230]} تركبت { بل } في قوله { بل هم عن ذكر ربهم معرضون }


[8229]:أخرجه مسلم في المساجد، وأبو داود في الصلاة، والترمذي في تفسير سورة (طه)، وابن ماجه في الصلاة، وكذلك أخرجه مالك في موطئه في الصلاة. (المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي). واللفظ في هذه الكتب: (اكلأ لنا الليل، أو الصبح).
[8230]:في بعض النسخ: "وعلى هذا النفي" يريد النفي في المحذوف المقدر.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قُلۡ مَن يَكۡلَؤُكُم بِٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ مِنَ ٱلرَّحۡمَٰنِۚ بَلۡ هُمۡ عَن ذِكۡرِ رَبِّهِم مُّعۡرِضُونَ} (42)

بعد أن سُلِّيَ الرسول صلى الله عليه وسلم على استهزائهم بالوعيد أُمر أن يذكرهم بأن غرورهم بالإمهال من قِبل الله رحمة منه بهم كشأنه في الرحمة بمخلوقاته بأنهم إذا نزل بهم عذابه لا يجدون حافظاً لهم من العذاب غيره ولا تمنعهم منه آلهتهم .

والاستفهام إنكار وتقريع ، أي لا يكلؤُهم منه أحد فكيف تجهلون ذلك ، تنبيهاً لهم إذ نسوا نعمه .

وذكر الليل والنهار لاستيعاب الأزمنة كأنه قيل : من يكلؤكم في جميع الأوقات .

وقدم الليل لأنه زمن المخاوف لأن الظلام يُعين أسباب الضر على الوصول إلى مبتغاها من إنسان وحيوان وعلل الأجسام .

وذكر النهار بعده للاستيعاب .

ومعنى { من الرحمان } من بأسه وعذابه .

وجيء بعد هذا التفريع بإضرابات ثلاثة انتقالية على سبيل التدريج الذي هو شأن الإضراب .

فالإضراب الأول قوله تعالى : { بل هم عن ذكر ربهم معرضون } ، وهو ارتقاء من التقريع المجعول للإصلاح إلى التأييس من صلاحهم بأنهم عن ذكر ربهم معرضون فلا يُرجَى منهم الانتفاع بالقوارع ، أي أخِّرْ السؤال والتقريع واتركهم حتى إذا تورّطوا في العذاب عرفوا أن لا كالىء لهم .