الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{قُلۡ مَن يَكۡلَؤُكُم بِٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ مِنَ ٱلرَّحۡمَٰنِۚ بَلۡ هُمۡ عَن ذِكۡرِ رَبِّهِم مُّعۡرِضُونَ} (42)

قوله : { مِنَ الرَّحْمَنِ } : متعلقٌ ب " يَكْلؤُكم " على حذفِ مضافٍ أي من أمرِ الرحمنِ أو بَأْسِه كقوله : { يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ } [ الرعد : 11 ] . و " بالليل " بمعنى في الليل . والكِلاءَةُ : الحِفْظُ يقال : كَلأَه يَكْلَؤُه اللهُ كِلاءة بالكسر . كذا ضبطه الجوهري فهو كالِىءٌ ومَكْلُوْءٌ . قال ابنُ هَرْمة :إنَّ سُلَيْمَى واللهُ يَكْلَؤُها *** ضَنَّتْ بشَيْءٍ ما كان يَرْزَؤها

واكْتَلأْتُ منه : احتَرَسْتُ ، ومنه سُمِّي النباتُ كَلأً ؛ لأنَّ به تقومُ بُنْيَةُ البهائمِ وتُحْرس . ويقال : " بَلَّغَ الله بك أَكْلأَ العُمُرِ " والمُكَلأُ : موضعٌ تُحْفظ فيه السفن . وفي الحديث : " نهى عن بيع الكالِىء بالكالِىءِ " أي : بَيْعِ الدَّيْن بالدَّيْن ؛ كأنَّ كلاً من رَبِّ الدَّيْنَيْنِ يكلأُ الآخَرَ أي : يراقبه .

وقوله : { بَلْ هُمْ } إضرابٌ عن ما تَضَمَّنه الكلامُ الأول من النفي ، إذ التقدير : ليس لهم كالىءٌ ولا مانعٌ غيرُ الرحمنِ .

وقرأ الزهري وابن القعقاع " يَكْلَوُكم " بضمةٍ خفيفةٍ دونَ همزٍ . وحكى الكسائي والفراء " يَكْلَوْكم " بفتحِ اللامِ وسكونِ الواو ولم أعرفْها قراءةً ، وهو قريبٌ من لغةِ مَنْ يخفِّف " أكلَتْ الكلا على الكلَوْ " وقفاً إلاَّ أنه أجرى الوصل مُجْرَى الوقف .