فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{قُلۡ مَن يَكۡلَؤُكُم بِٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ مِنَ ٱلرَّحۡمَٰنِۚ بَلۡ هُمۡ عَن ذِكۡرِ رَبِّهِم مُّعۡرِضُونَ} (42)

{ قل من يكلؤكم بالليل والنهار من الرحمن بل هم عن ذكر ربهم معرضون ( 42 ) أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا لا يستطيعون نصر أنفسهم ولا هم منا يصحبون ( 43 ) بل متعنا هؤلاء وآباءهم حتى طال عليهم العمر أفلا يرون أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرفها أفهم الغالبون ( 44 ) قل إنما أنذركم بالوحي ولا يسمع الصم الدعاء إذا ما ينذرون ( 45 ) } .

{ قل من يكلؤكم } أي يحرسكم ، قاله ابن عباس ، والمعنى يحفظكم ، والكلاءة الحراسة والحفظ ، يقال كلأه الله كلأة بالكسر ، أي حفظه وحرسه ، وحكي يكلوكم بفتح اللام وإسكان الواو ، أي قل يا محمد لأولئك المستهزئين بطريق التقريع والتوبيخ من يحرسكم ويحفظكم { بالليل } أي فيه إذا نمتم { والنهار } إذا انصرفتم إلى معايشكم ، وتقديم الليل لما أن الدواهي أكثر فيه وقوعا وأشد وقعا { من } بأس { الرحمن } وعذابه الذي تستحقون حلوله بكم ونزوله عليكم . قال الزجاج : معناه من يحفظكم من بأس الرحمن ؟ .

وقال الفراء : المعنى من يحفظكم مما يريد الرحمن إنزاله بكم من عقوبات الدنيا والآخرة . وفي التعرض لعنوان الرحمة إيذان بأن كالئهم ليس إلا رحمته العامة { بل هم عن ذكر ربهم معرضون } فلا يذكرونه ولا يخطرونه ببالهم ولا يتفكرون فيه بل يعرضون عنه أو عن القرآن أو عن مواعظ الله أو عن معرفته .