معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{لِتُنذِرَ قَوۡمٗا مَّآ أُنذِرَ ءَابَآؤُهُمۡ فَهُمۡ غَٰفِلُونَ} (6)

قوله تعالى : { لتنذر قوماً ما أنذر آباؤهم } قيل : ( ( ما ) ) للنفي أي : لم تنذر آباؤهم ، لأن قريشاً لم يأتهم نبي قبل محمد صلى الله عليه وسلم وقيل : ( ( ما ) ) بمعنى الذي ، أي : لتنذر قوماً بالذي أنذر آباؤهم ، { فهم غافلون } عن الإيمان والرشد .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لِتُنذِرَ قَوۡمٗا مَّآ أُنذِرَ ءَابَآؤُهُمۡ فَهُمۡ غَٰفِلُونَ} (6)

فأما حكمة هذا التنزيل فهي الإنذار والتبليغ :

( لتنذر قوماً ما أنذر آباؤهم فهم غافلون ) . .

والغفلة أشد ما يفسد القلوب . فالقلب الغافل قلب معطل عن وظيفته . معطل عن الالتقاط والتأثر والاستجابة . تمر به دلائل الهدى أو يمر بها دون أن يحسها أو يدركها . ودون أن ينبض أو يستقبل . ومن ثم كان الإنذار هو أليق شيء بالغفلة التي كان فيها القوم ، الذين مضت الأجيال دون أن ينذرهم منذر ، أو ينبههم منبه . فهم من ذرية إسماعيل ولم يكن لهم بعده من رسول . فالإنذار قد يوقظ الغافلين المستغرقين في الغفلة ، الذين لم يأتهم ولم يأت آباءهم نذير .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{لِتُنذِرَ قَوۡمٗا مَّآ أُنذِرَ ءَابَآؤُهُمۡ فَهُمۡ غَٰفِلُونَ} (6)

القول في تأويل قوله تعالى : { لِتُنذِرَ قَوْماً مّآ أُنذِرَ آبَآؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ * لَقَدْ حَقّ الْقَوْلُ عَلَىَ أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لاَ يُؤمِنُونَ } .

اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : لِتُنْذِرَ قَوْما ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ فقال بعضهم : معناه : لتنذر قوما ما أنذر الله من قبلهم من آبائهم . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شُعْبة ، عن سِماك ، عن عكرمة في هذه الاَية : لِتُنْذِرَ قَوْما ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ قال : قد أنذروا .

وقال آخرون : بل معنى ذلك لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة لِتُنْذِرَ قَوْما ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ قال بعضهم : لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم من إنذار الناس قبلهم . وقال بعضهم : لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم : أي هذه الأمة لم يأتهم نذير ، حتى جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم .

واختلف أهل العربية في معنى «ما » التي في قوله : ما أُنْذرَ آباؤُهُمْ إذا وُجّه معنى الكلام إلى أن آباءهم قد كانوا أنذروا ، ولم يُرد بها الجحد ، فقال بعض نحويّي البصرة : معنى ذلك : إذا أريد به غير الجحد لتنذرهم الذي أُنذر آباؤهم فَهُمْ غافِلُونَ . وقال : فدخول الفاء في هذا المعنى لا يجوز ، والله أعلم . قال : وهو على الجحد أحسن ، فيكون معنى الكلام : إنك لمن المرسلين إلى قوم لم ينذر آباؤهم ، لأنهم كانوا في الفترة .

وقال بعض نحويّي الكوفة : إذا لم يرد بما الجحد ، فإن معنى الكلام : لتنذرهم بما أنذر آباؤهم ، فتلقى الباء ، فتكون «ما » في موضع نصب فَهُمْ غافِلُونَ يقول : فهم غافلون عما الله فاعل : بأعدائه المشركين به ، من إحلال نقمته ، وسطوته بهم .