اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{لِتُنذِرَ قَوۡمٗا مَّآ أُنذِرَ ءَابَآؤُهُمۡ فَهُمۡ غَٰفِلُونَ} (6)

قوله : { لِتُنْذِرَ } يجوز أن يتعلق ب «تَنْزِيلُ »{[45699]} أو بمعنى المرسلين يعني بإضمار فعل يدل عليه هذا اللفظ أي أرْسَلْنَاك لِتُنْذِرَ .

قوله : { مَّآ أُنذِرَ آبَآؤُهُمْ } يجوز أن تكون «ما » هذه بمعنى الذي{[45700]} ، وأن تكون نكرة موصوفة والعائد{[45701]} على الوجهين مُقَّدرٌ{[45702]} .

أي ما أنذره آباؤهم فتكون ما وصلتها أو وصفتها في محل نصب مفعولاً ثانياً لقوله : { لِتُنذِر } كقوله : { إِنَّآ أَنذَرْنَاكُمْ عَذَاباً قَرِيباً } [ النبأ : 40 ] أو التقدير لِتُنْذِرَ قَوْماً الذي أُنْذِرَهُ آبَاؤُهُمْ من العذاب ، أو لتنذر قوماً عذاباً أُنْذِرَهُ آبَاؤُهُمْ{[45703]} .

ويجوز أن تكون مصدرية{[45704]} أي إنْذَار آبَائِهِم أي مثله . ويجوز أن تكون ما نافية{[45705]} ، وتكون الجملة المنفية صفة ل «قوماً » أي قوماً غير منذر آباؤهم . ويجوز أن تكون زائدة أي قوماً أنذر آباؤهم . والجملة المثبتة أيضاً صفة ل «قوماً » . قاله أبو البقاء{[45706]} .

وهو مناف للوجه الذي قبله . فعلى قولنا ما نافية ، فالمعنى ما أنذر آبَاؤُهُم الأَدْنونَ وإن قلنا : ما للإثبات فالمعنى ليُنْذَرُوا{[45707]} بما أنذر آباؤهم الأولون . وقوله : { فَهُمْ غَافِلُونَ } أي عن الإيمان والرشد .


[45699]:قاله أبو البقاء في التبيان 1078 والسمين في الدر المصون 4/494 وأبو حيان في البحر المحيط 7/323.
[45700]:نقله أبو حيان في المرجع السابق عن عكرمة، كما نقله الزمخشري 3/314 وأبو البقاء في التبيان 1079 والفراء في معانيه 2/272 والنحاس في إعرابه 3/383 والزجاج في معانيه أيضا 4/278.
[45701]:التبيان المرجع السابق وفي "ب" والفائدة تحريف.
[45702]:في "ب" تقدر تحريف أيضا.
[45703]:الدر المصون 4/495.
[45704]:البيان 2/291 ومشكل إعراب القرآن 2/222 وهو قول عكرمة انظر: الدر المصون 4/495.
[45705]:وهو اختيار الزجاج والفراء والنحاس ومكي وأب البقاء والزمخشري انظر: المراجع السابقة.
[45706]:التبيان 1079.
[45707]:في ب "لتنذروا".