البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{لِتُنذِرَ قَوۡمٗا مَّآ أُنذِرَ ءَابَآؤُهُمۡ فَهُمۡ غَٰفِلُونَ} (6)

{ لتنذر } : متعلق بتنزيل أو بأرسلنا مضمرة .

{ ما أنذر } ، قال عكرمة : بمعنى الذي ، أي الشيء الذي أنذره آباؤهم من العذاب ، فما مفعول ثان ، كقوله : { إنا أنذرناكم عذاباً قريباً } قال ابن عطية : ويحتمل أن تكون ما مصدرية ، أي { ما أنذرهم آباؤهم } ، والآباء على هذا هم الأقدمون من ولد إسماعيل ، وكانت النذارة فيهم .

و { فهم } على هذا التأويل بمعنى فإنهم ، دخلت الفاء لقطع الجملة من الجملة الواقعة صلة ، فتتعلق بقوله : { إنك لمن المرسلين } .

{ لتنذر } ، كما تقول : أرسلتك إلى فلان لتنذره ، فإنه غافل ، أو فهو غافل .

وقال قتادة : ما نافية ، أي أن آباءهم لم ينذروا ، فآباؤهم على هذا هم القربيون منهم ، وما أنذر في موضع الصفة ، أي غير منذر آباؤهم ، وفهم غافلون متعلق بالنفي ، أي لم ينذروا فهم غافلون ، على أن عدم إنذارهم هو سبب غفلتهم .

وباعتبار الآباء في القدم والقرب يزول التعارض بين الإنذار ونفيه .