معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَيَضِيقُ صَدۡرِي وَلَا يَنطَلِقُ لِسَانِي فَأَرۡسِلۡ إِلَىٰ هَٰرُونَ} (13)

قوله تعالى : { ويضيق صدري } من تكذيبهم إياي ، { ولا ينطلق لساني } قال : هذا للعقدة التي كانت على لسانه ، قرأ يعقوب ويضيق ، ولا ينطلق بنصب القافين على معنى وأن يضيق ، وقرأ العامة برفعهما رداً على قوله : إني أخاف { فأرسل إلى هارون } ليوازرني ويظاهرني على تبليغ الرسالة .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَيَضِيقُ صَدۡرِي وَلَا يَنطَلِقُ لِسَانِي فَأَرۡسِلۡ إِلَىٰ هَٰرُونَ} (13)

10

ولم يكن أمر فرعون وملئه جديدا على موسى - عليه السلام - فهو يعرفه ، ويعرف ظلم فرعون وعتوه وجبروته ، ويدرك أنها مهمة ضخمة وتكليف عظيم . ومن ثم يشكو إلى ربه ما به من ضعف وقصور لا ليتنصل أو يعتذر عن التكليف ، ولكن ليطلب العون والمساعدة في هذا التكليف العسير .

( قال : رب إني أخاف أن يكذبون . ويضيق صدري ولا ينطلق لساني فأرسل إلى هارون . ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون ) .

والظاهر من حكاية قوله - عليه السلام - أن خوفه ليس من مجرد التكذيب ، ولكن من حصوله في وقت يضيق فيه صدره ولا ينطلق لسانه فلا يملك أن يبين ، وأن يناقش هذا التكذيب ويفنده . إذ كانت بلسانه حبسة هي التي قال عنها في سورة طه : ( واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي )ومن شأن هذه الحبسة أن تنشى ء حالة من ضيق الصدر ، تنشأ من عدم القدرة على تصريف الانفعال بالكلام . وتزداد كلما زاد الانفعال ، فيزداد الصدر ضيقا . . وهكذا . . . وهي حالة معروفة . فمن هنا خشي موسى أن تقع له هذه الحالة وهو في موقف المواجهة بالرسالة لظالم جبار كفرعون . فشكا إلى ربه ضعفه وما يخشاه على تبليغ رسالته ، وطلب إليه أن يوحي إلى هارون أخيه ، ويشركه معه في الرسالة اتقاء للتقصير في أداء التكليف ، لا نكوصا ولا اعتذارا عن التكليف . فهارون أفصح لسانا ومن ثم هو أهدأ انفعالا ؛ فإذا أدركت موسى حبسة أو ضيق نهض هارون بالجدل والمحاجة والبيان . ولقد دعا موسى ربه - كما ورد في سورة طه - ليحل هذه العقدة من لسانه ، ولكنه زيادة في الاحتياط للنهوض بالتكليف طلب معه أخاه هارون وزيرا ومعينا . .