الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَيَضِيقُ صَدۡرِي وَلَا يَنطَلِقُ لِسَانِي فَأَرۡسِلۡ إِلَىٰ هَٰرُونَ} (13)

قوله : { وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلاَ يَنطَلِقُ } : الجمهورُ على الرفع . وفيه وجهان ، أحدُهما : أنه مستأنفٌ ، أخبر بذلك . والثاني : أنه معطوفٌ على خبر " إنَّ " . وقرأ زيد بن علي وطلحة وعيسى والأعمش بالنصب فيهما . والأعرج بنصبِ الأولِ ورفعِ الثاني : فالنصبُ عطفٌ على صلة " أنْ " فتكونُ الأفعالُ الثلاثة : يُكَذِّبُونِ ، ويَضيقُ ، ولا يَنْطَلِقُ ، داخلةً في حَيِّز الخوف . قال الزمخشري : " والفرقُ بينهما أي الرفع والنصب أن الرفعَ فيه يُفيد أن فيه ثلاثَ عللٍ : خوفَ التكذيبِ ، وضيقِ الصدر ، وامتناعَ انطلاقِ اللسانِ . والنصبُ : على أنَّ خَوْفَه متعلقٌ بهذه الثلاثة . فإنْ قلتَ : في النصبِ تعليقُ الخوفِ بالأمور الثلاثةِ . وفي جُملتها نفيُ انطلاقِ اللسانِ ، وحقيقةُ الخوف إنماهي غَمٌّ يَلْحَقُ الإِنسانَ لأمرٍ سيقعُ ، وذلك كان واقعاً ، فكيف جازَ تعليقُ الخوفِ به ؟ قلت : قد عَلَّقَ الخوفَ بتكذيبهم ، وبما يَحْصُل له [ بسببِه ] من ضيقِ الصدرِ ، والحَبْسَةُ في اللسانِ زائدةٌ على ما كان به . على أن تلك الحَبْسَةَ التي كانَتْ به زالَتْ بدعوتِه . وقيل : بَقيَتْ منها بقيةٌ يسيرةٌ . فإنْ قلت : اعتذارُك هذا يَرُدُّه الرفعُ ؛ لأن المعنى : إني خائفٌ ضَيِّقُ الصدرِ غيرُ منطلقِ اللسانِ . قلت : يجوز أن يكونَ هذا قبلَ الدعوةِ واستجابتِها . ويجوز أَنْ يريدَ القَدْرَ اليسيرَ الذي بقي " .

قوله : { فَأَرْسِلْ } أي : فأَرْسِلْ جبريلَ أو المَلَكَ ، فحذف المفعولَ به .