معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱللَّهِ نَتۡلُوهَا عَلَيۡكَ بِٱلۡحَقِّۗ وَمَا ٱللَّهُ يُرِيدُ ظُلۡمٗا لِّلۡعَٰلَمِينَ} (108)

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱللَّهِ نَتۡلُوهَا عَلَيۡكَ بِٱلۡحَقِّۗ وَمَا ٱللَّهُ يُرِيدُ ظُلۡمٗا لِّلۡعَٰلَمِينَ} (108)

لما بين الله لرسوله صلى الله عليه وسلم الأحكام الأمرية والأحكام الجزائية قال : { تلك آيات الله نتلوها } أي : نقصها { عليك بالحق } لأن أوامره ونواهيه مشتملة على الحكمة والرحمة وثوابها وعقابها ، كذلك مشتمل على الحكمة والرحمة والعدل الخالي من الظلم ، ولهذا قال : { وما الله يريد ظلما للعالمين } نفى إرادته ظلمهم فضلا عن كونه يفعل ذلك فلا ينقص أحدا شيئا من حسناته ، ولا يزيد في ظلم الظالمين ، بل يجازيهم بأعمالهم فقط ،

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱللَّهِ نَتۡلُوهَا عَلَيۡكَ بِٱلۡحَقِّۗ وَمَا ٱللَّهُ يُرِيدُ ظُلۡمٗا لِّلۡعَٰلَمِينَ} (108)

تذييلات ، والإشارة في قوله { تلك } إلى ائفة من آيات القرآن السابقة من هذه السورة كما اقتضاه قوله { نتلوها عليك بالحق } .

والتلاوة اسم لحكاية كلام لإرادة تبليغه بلفظه وهي كالقراءة إلاّ أن القراءة تختصّ بحكاية كلام مكتوب فيتّجه أن تكون الطائفة المقصودة بالإشارة هي الآيات المبدوءة بقوله تعالى { إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم } [ آل عمران : 59 ] إلى هنا لأن ما قبله ختم بتذييل قريب من هذا التذييل ، وهو قوله { ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم } [ آل عمران : 58 ] فيكون كل تذييل مستقلاً بطائفة الجمل الَّتي وقع هو عقبها .

وخصّت هذه الطائفة من القرآن بالإشارة لما فيها من الدلائل المثبتة صحة عقيدة الإسلام ، والمبطلة لدعاوي الفرق الثلاث من اليهود والنَّصارى والمشركين ، مثل قوله { إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم } [ آل عمران : 59 ] وقوله { ومَا من إله إلاّ إله واحد } [ المائدة : 74 ] الآية . وقوله { فلِمَ تُحاجّون فيما ليس لكم به علم } [ آل عمران : 66 ] الآية . وقوله { إنّ أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه } [ آل عمران : 68 ] الآية . وقوله { ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوءة } [ آل عمران : 79 ] الآية . وقوله { وإذ أخذ الله ميثاق النبيين } [ آل عمران : 81 ] الآية . وقوله { فأتوا بالتَّوراة فاتلوها } [ آل عمران : 93 ] وقوله { إنّ أول بين وضع للناس للذي ببكة مباركاً } [ آل عمران : 96 ] ، وما تخلّل ذلك من أمثال ومواعظ وشواهد .

والباء في قوله { بالحق } للملابسة ، وهي ملابسة الإخبار للمخبَر عنه ، أي لما في نفس الأمر والواقع ، فهذه الآيات بيّنت عقائد أهل الكتاب وفصّلت أحوالهم في الدنيا والآخرة .

ومن الحقّ استحقاق كلا الفريقين لما عومل به عدلاً من الله ، ولذا قال { وما الله يريد ظلماً للعالمين } أي لا يريد أن يظلم النَّاس ولو شاء ذلك لفعله ، لكنَّه وعَد بأن لا يظلم أحداً فحقّ وعدُه ، وليس في الآية دليل للمعتزلة على استحالة إرادة الله تعالى الظلم إذ لا خلاف بيننا وبين المعتزلة في انتفاء وقوعه ، وإنَّما الخلاف في جواز ذلك واستحالته .

وجيء بالمسند فعلاً لإفادة تقوي الحكم ، وهو انتفاء إرادة ظلم العالمين عن الله تعالى ، وتنكير ( ظلماً ) في سياق النَّفي يدلّ على انتفاء جنس الظلم عن أن تتعلّق به إرادة الله ، فكلّ ما يعدّظلماً في مجال العقول السليمة منتف أن يكون مراد الله تعالى .