قوله : " تلْكَ " مبتدأ ، { آيَاتُ اللَّهِ } خبره ، و " نَتْلُوهَا " جملة حالية .
وقيل : { آيَاتُ اللَّهِ } بدل من " تِلْكَ " ، و " نَتْلُوها " جملة واقعة خبر المتبدأ ، و " بِالحَقِّ " حال من فاعل " نتلُوهَا " ، أو مفعولة ، وهي حال مؤكدة ؛ لأنه - تعالى - لا ينزلها إلا على هذه الصفة .
وقال الزَّجَّاج{[5788]} : " في الكلام حذف ، تقديره : تلك آيات القرآن حُجَجُ الله ودلائله " .
قال أبو حيان : فعلى هذا الذي قدَّره يكون خبر المبتدأ محذوفاً ؛ لأنه عنده بهذا التقدير يتم معنى الآية ، وهذا التقدير لا حاجة إليه ؛ [ إذ الكلام مُسْتَغْنٍ عنه ، تامٌّ بنفسه ]{[5789]} .
والإشارة ب " تِلْكَ " إلى الآيات المتقدمة المتضمنة تعذيب الكفار ، وتنعيم الأبرار ، وإنما جاز إقامة " تلك " مقام هذه ؛ لأن هذه الآيات المذكورة قد انقضت بعد الذكر ، فصارت كأنها بعدت ، فقيل فيها : " تلك " .
وقيل : لأن الله - تعالى - وعده أن يُنزل عليه كتاباً مشتملاً على ما لا بدّ منه في الدين ، فلما أنزل هذه الآيات قال : تلك الآيات الموعودة هي التي نتلوها عليك .
وقرأ العامة " نَتْلُوها " - بنون العظمة - وفيه التفات من الغيبة إلى التكلَّم .
وقرأ أبو نُهَيْك : " يتلوها " بالياء - من تحت{[5790]} - وفيه احتمالان :
أحدهما : أن يكون الفاعل ضمير الباري - تعالى - لتقدُّم ذكره في قوله : { آيَاتُ اللَّهِ } ولا التفات في هذا التقدير ، بخلاف قراءة العامة .
الثاني : أن يكون الفاعل ضمير جبريل .
قوله : { بِالْحَقِّ } فيه وجهان :
لأول : ملتبسة بالحق والعدل من جزاء المحسن والمسيء بما يستوجبانه .
الثاني : بالحق ، أي : بالمعنى الحق ؛ لأن معنى المتلُوِّ حَقّ .
قوله : { وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِّلْعَالَمِينَ } اللام - في " لِلْعَالَمِينَ " - زائدة - لا تعلُّق لها بشيء ، زيدت في مفعول المصدر وهو ظلم والفاعل محذوف ، وهو - في التقدير - ضمير الباري ، والتقدير : وما الله يريد أن يظلم العالمين ، فزيدت اللام ، تقوية للعامل ؛ لكونه فرعاً ، كقوله : { فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ } [ البروج : 16 ] .
وقيل : معنى الكلام : وما الله يريد ظلم العالمين بعضهم لبعض ، ورُدَّ هذا بأنه لو كان المراد هذا لكان التركيب ب " من " أولى منه باللام ، فكان يقال : ظلماً من العالمين ، فهذا معنى ينبو عنه اللفظ . ونكر " ظلماً " ؛ لأنه في سياق النفي ، فهو يعم كل أنواع الظلم ، وحسن ذكر الظلم - هنا - ، لأنه تقدم ذكر العقوبة الشديدة ، وهو تعالى أكرم الأكرمين ، فكأنه - تعالى يعتذر عن ذلك ، فقال : إنهم إنما وقعوا في هذا العذاب بسبب أفعالهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.