معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّقُواْ مَا بَيۡنَ أَيۡدِيكُمۡ وَمَا خَلۡفَكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ} (45)

قوله تعالى : { وإذا قيل لهم اتقوا ما بين أيديكم وما خلفكم } قال ابن عباس : { ما بين أيديكم } يعني الآخرة ، فاعملوا لها ، { وما خلفكم } يعني : الدنيا ، فاحذروها ، ولا تغتروا بها . وقيل : { ما بين أيديكم } : وقائع الله فيمن كان قبلكم من الأمم ، { وما خلفكم } : عذاب الآخرة ، وهو قول قتادة و مقاتل . { لعلكم ترحمون } والجواب محذوف تقديره : إذا قيل لهم هذا أعرضوا عنه ، دليله ما بعده .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّقُواْ مَا بَيۡنَ أَيۡدِيكُمۡ وَمَا خَلۡفَكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ} (45)

{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ } أي : من أحوال البرزخ والقيامة ، وما في الدنيا من العقوبات { لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّقُواْ مَا بَيۡنَ أَيۡدِيكُمۡ وَمَا خَلۡفَكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ} (45)

ثم ابتدأ الإخبار عن عتو قريش بقوله { وإذا قيل لهم } الآية ، وما بين أيديهم قال مقاتل وقتادة ، هو عذاب الأمم الذي قد سبقهم في الزمن وما خلفهم هو عذاب الآخرة الذي يأتي من بعدهم في الزمن وهذا هو النظر ، وقال الحسن : خوفوا بما مضى من ذنوبهم وبما يأتي منها .

قال القاضي أبو محمد : فجعل الترتيب كأنهم يسيرون من شيء إلى شيء ، ولم يعتبر وجود الأشياء في الزمن ، وهذا النظر يكسره عليه قوله تعالى : { مصدقاً لما بين يديه من التوراة والإنجيل }{[1]} [ المائدة : 46 ] ، وإنما المطرد أن يقاس ما بين اليد والخلف بما يسوقه الزمن فتأمله ، وجواب { إذا } في هذه الآية محذوف تقديره أعرضوا يفسره قوله بعد ذلك { إلا كانوا عنها معرضين } .


[1]:- أي فيمن نزلت، أفي المؤمنين جميعا أم في مؤمني أهل الكتاب؟
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّقُواْ مَا بَيۡنَ أَيۡدِيكُمۡ وَمَا خَلۡفَكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ} (45)

تخلص الكلام من عدم انتفاعهم بالآيات الدالة على وحدانية الله إلى عدم انتفاعهم بالأقوال المبلَّغة إليهم في القرآن من الموعظة ، والتذكير بما حلّ بالأمم المكذبة أن يصيبهم مثلُ ما أصابهم ، وبعدم انتفاعهم بتذكير القرآن إياهم بالأدلة على وحدانية الله ، وعلى البعث .

وبناء فعل { قِيلَ } للمجهول لظهور أن القائل هو الرسول صلى الله عليه وسلم في تبليغه عن الله تعالى ، أي قيل لهم في القرآن .

وما بين الأيدي يراد منه المستقبل ، وما هو خلف يراد منه الماضي ، قال تعالى حكاية عن عيسى عليه السلام : { مصدقاً لما بين يديَّ من التوراة } [ آل عمران : 50 ] ، أي ما تقدمني . وذلك أن أصل هذين التركيبين تمثيلان فتارة ينظرون إلى تمثيل المضاف إليه بسائر إلى مكان فالذي بين يديه هو ما سيرد هو عليه ، والذي من ورائه هو ما خلَّفه خلْفه في سيره ، وتارة ينظرون إلى تمثيل المضاف بسائر ، فهو إذا كان بين يدي المضاف إليه فقد سبقه في السير فهو سَابق له وإذا كان خلف المضاف إليه فقد تأخر عنه فهو وارد بعده .

وقد فسرت هذه الآية بالوجهين فقيل : ما بين أيديكم من أمر الآخرة وما خلفكم من أحوال الأمم في الدنيا ، وهو عن مجاهد وابن جبير عن ابن عباس . وقيل : ما بين أيديكم أحوال الأمم في الدنيا وما خلفكم من أحوال الآخرة وهو عن قتادة وسفيان . ومتى حمل أحد الموصولَين على ما سبق من أحوال الأمم وجب تقدير مضافين قبل { ما } الموصولة هما المفعول ، أي اتقوا مثلَ أحوال ما بين أيديكم ، أو مثل أحوال ما خلفكم ، ولا يقدر مضافان في مقابله لأن مَا صْدَق { ما } الموصولة فيه حينئذٍ هو عذاب الآخرة فهو مفعول { اتَّقُوا } . وتقدم قوله تعالى : { فجعلناها نكالاً لما بين يديها وما خلفها } في سورة البقرة ( 66 ) .

و ( لعلّ ) للرجاء ، أي ترجى لكم رحمة الله ، لأنهم إذا اتقوا حذروا ما يوقع في المتقى فارتكبوا واجتنبوا وبادروا بالتوبة فيما فرط فرضي ربهم عنهم فرحِمهم بالثواب وجنّبهم العقاب . والكلام في ( لعل ) الواردة في كلام الله تعالى تقدم عند قوله تعالى : { يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون } في سورة البقرة ( 21 ) .

وجواب { إذا } محذوف دل عليه قوله في الجملة المعطوفة { إلاَّ كَانُوا عنها مُعْرِضِينَ } . فالتقدير هنا : كانوا معرضين .