{ رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ } على ألسنة رسلك { وَمَنْ صَلَحَ } أي : صلح بالإيمان والعمل الصالح { مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ } زوجاتهم وأزواجهن وأصحابهم ورفقائهم { وَذُرِّيَّاتِهِمْ } { إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ } القاهر لكل شيء ، فبعزتك تغفر ذنوبهم ، وتكشف عنهم المحذور ، وتوصلهم بها إلى كل خير { الْحَكِيمُ } الذي يضع الأشياء مواضعها ، فلا نسألك يا ربنا أمرا تقتضي حكمتك خلافه ، بل من حكمتك التي أخبرت بها على ألسنة رسلك ، واقتضاها فضلك ، المغفرة للمؤمنين .
وقرأ جمهور الناس : «جنات عدن » على جمع الجنات . وقرأ الأعمش في رواية المفضل : «جنة عدن » على الإفراد ، وكذلك هو في مصحف ابن مسعود . والعدن : الإقامة .
وقوله : { ومن يصلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم } روي عن سعيد بن جبير في تفسير ذلك : أن الرجل يدخل الجنة قبل قرابته فيقول : أي أبي ؟ أين أمي ؟ أين زوجتي ؟ فيلحقون به لصلاحهم ولتنبيهه عليهم وطلبه إياهم ، وهذه دعوة الملائكة : وقرأ عيسى بن عمر : «وذريتهم » بالإفراد .
إعادة النداء في خلال جمل الدعاء اعتراض للتأكيد بزيادة التضرع ، وهذا ارتقاء من طلب وقايتهم العذاب إلى طلب إدخالهم مكان النعيم .
والعَدْن : الإِقامة ، أي الخلود . والدعاء لهم بذلك مع تحققهم أنهم موعودون به تأدُب مع الله تعالى لأنه لا يُسأل عما يفعل ، كما تقدم في سورة [ آل عمران : 194 ] قوله : { ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك } .
ويجوز أن يكون المراد بقولهم : { وأدخلهم } عَجِّل لهم بالدخول . ويجوز أن يكون ذلك تمهيداً لقولهم : { وَمَن صَلَح من آبائهم وأزواجهم وذريتهم } فإن أولئك لم يكونوا موعودين به صريحاً . و { من صلح } عطف على الضمير المنصوب في { أدخلهم } .
والمعنى دعاء بأن يجعلهم الله معهم في مساكن متقاربة ، كما تقدم في قوله تعالى : { هم وأزواجهم في ظلال } في سورة [ يس : 56 ] ، وقوله : { ألحقنا بهم ذرياتهم } في سورة [ الطور : 21 ] .
ورُتبت القرابات في هذه الآية على ترتيبها الطبيعي فإن الآباء أسبق علاقة بالأبناء ثم الأزواجُ ثم الذريات .
وجملة { إنَّك أنت العَزِيز الحَكِيم } اعتراض بين الدعوات استقصاء للرغبة في الإِجابة بداعي محبة الملائكة لأهل الصلاح لما بين نفوسهم والنفوس الملكية من التناسب . واقتران هذه الجملة بحرف التأكيد للاهتمام بها . و ( إنَّ ) في مثل هذا المقام تُغني غَناء فاء السببية ، أي فعزتُك وحكمتك هما اللتان جَرَّأَتَانَا على سؤال ذلك من جلالك ، فالعزة تقتضي الاستغناء عن الانتفاع بالأشياء النفيسة فلما وَعد الصالحين الجنة لم يكن لله ما يضنه بذلك فلا يصدر منه مطل ، والحكمةُ تقتضي معاملة المحسن بالإِحسان .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.